(وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) : في ذاته وصفاته ، وفي ربوبيته فلا خالق ولا رازق ولا مدبر للكون والحياة إلا هو وفي ألوهيته أي في عبادته فلا معبود بحق سواه.
(اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) : بوجود أحدهما وغياب الثاني لمنافع العباد بحيث لا يكون النهار دائما ولا الليل دائما.
(وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ) : وفرق في الأرض ونشر فيها من سائر أنواع الدواب.
(تَصْرِيفِ الرِّياحِ) : باختلاف مهابها مرة صبا ومرة دبور ومرة شمالية ومرة غربية أو مرة ملقحة ومرة عقيم.
معنى الآيتين :
لما أوجب الله على العلماء بيان العلم والهدى وحرم كتمانهما أخبر أنه الإله الواحد الرحمن الرحيم وأن هذا أول ما على العلماء أن يبينوه للناس وهو توحيده تعالى في ربوبيته وعبادته وأسمائه وصفاته ، ولما سمع بعض المشركين تقرير هذه الحقيقة : وإلهكم إله واحد قالوا : هل من دليل ـ يريدون على أنه لا إله إلا الله (١) ـ فأنزل الله تعالى هذه الآية : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) إلى قوله (يَعْقِلُونَ) مشتملة على ستّ آيات كونية كل آية برهان ساطع ودليل قاطع على وجود الله وقدرته وعلمه وحكمته ورحمته وهي كلها موجبة لعبادته وحده دون من سواه.
الأولى : خلق السموات (٢) والأرض وهو خلق عظيم لا يتأتي إلا للقادر الذي لا يعجزه شىء.
الثانية : اختلاف الليل والنهار بتعاقبهما وطول هذا وقصر ذاك.
الثالثة : جريان (٣) الفلك ـ السفن ـ في البحر على ضخامتها وكبرها وهي تحمل مئات الأطنان من الأرزاق وما ينتفع به الناس في حياتهم.
الرابعة : إنزاله تعالى المطر من السماء لحياة الأرض بالنباتات والزروع بعد جدبها وموتها.
__________________
(١) جملة لا إله إلا الله أوّلها كفر وآخرها إيمان ، لأن أوّلها نفي لكل إله وآخرها إثبات الألوهية لله سبحانه وتعالى وحده دون سواه.
(٢) جمع لفظ السموات لأنها أجسام متباينة وأفرد لفظ الأرض لأنها نوع واحد من تراب طبقة فوق أخرى.
(٣) في الآية دليل على جواز ركوب البحر للجهاد والحج والتجارة إلّا في حالة غلبة الهلاك الطارىء فإنه لا يجوز ، وحديث أم حرام في الموطأ وغيره دليل على الجواز للنساء كالرجال.