فقال تعالى : (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا) في جمودهم وتقليد ابائهم في الشرك والضلال كمثل غنم (١) ينعق بها راعيها الأمين عليها فهو إذا صاح فيها داعيا لها أو مناديا لها سمعت الصوت وأجابت ولكن لا تدري لماذا دعيت ولا لماذا نوديت لفقدها العقل. وهذا المثل صالح لكل من يدعو أهل الكفر والضلال إلى الإيمان والهداية فهو مع من يدعوهم من الكفرة والمقلدين والضلال الجامدين كمثل الذي ينعق إلخ .....
هداية الآية
من هداية الآية الكريمة :
١ ـ تسلية الدعاة إلى الله تعالى عند ما يواجهون المقلدة من أهل الشرك والضلال.
٢ ـ حرمة التقليد لأهل الأهواء والبدع.
٣ ـ وجوب طلب العلم والمعرفة حتى لا يفعل المؤمن ولا يترك إلا على علم بما فعل وبما ترك.
٤ ـ لا يتابع إلا أهل العلم والبصيرة في الدين ، لأن اتباع الجهال يعتبر تقليدا.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا (٢) كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (١٧٢) إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ (٣) وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٧٣))
__________________
(١) يقال : نعق الغراب ، ونغق بالغين ونعب ، نعق إذا صوّت من غير أن يمد عنقه ويحركها ، ونغق بمعناه فإذا مدّ عنقه وحرّكها. ثم صاح قيل فيه نعب.
(٢) أخرج مسلم قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «يا أيها الناس إن الله طيّب لا يقبل إلّا طيبا ، وإنّ الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال : يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ، وقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ ..) الآية. ثم ذكر الرجل يطيل السفر ، أشعث أغبر يمدّ يديه إلى السماء يا رب يا رب ، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام ، فأنى يستجاب لذلك؟!».
(٣) الميت والميتة بتسكين الياء هو ما مات قطعا وانتهت حياته ، والميّت ، والميّتة بتشديد الياء هو ما لم يمت بعد ولكنه آيل أمره إلى الموت ، هكذا يرى أرباب اللغة واستشهدوا بقول الله تعالى لرسوله : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) وهذا دليل إطلاق ميّت بالتشديد على من لم يمت بعد كما استشهدوا بقول الشاعر :
ليس من مات فاستراح بميت |
|
إنّما الميت ميّت الأحياء |