(الصِّيامُ) : لغة الامساك والمراد به هنا الامتناع عن الأكل والشرب وغشيان النساء من طلوع الفجر إلى غروب الشمس (١).
(أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) : تسعة وعشرون أو ثلاثون يوما بحسب شهر رمضان.
(فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) : فعلى من أفطر لعذر المرض أو السفر فعليه صيام أيام أخر بعدد الأيام التي أفطر فيها.
(يُطِيقُونَهُ) : أي يتحملونه بمشقة لكبر سن أو مرض لا يرجى برؤه.
(فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) : فالواجب على من أفطر لعذر مما ذكر أن يطعم على كل يوم مسكينا ، ولا قضاء عليه.
(فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً) : أي زاد على المدين (٢) أو أطعم أكثر من مسكين فهو خير له.
(وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) : الصيام على من يطيقه ولو بمشقة خير من الافطار مع الطعام.
معنى الآيتين :
لما هاجر الرسول صلىاللهعليهوسلم إلى المدينة وأصبحت دار إسلام أخذ التشريع ينزل ويتوالى ففي الآيات السابقة كان حكم القصاص والوصية ومراقبة الله في ذلك ، وكان من أعظم ما يكون في المؤمن من ملكة التقوى الصيام فأنزل الله تعالى فرض الصيام في السنة الثانية للهجرة فناداهم بعنوان الايمان يا آيها الذين آمنوا وأعلمهم أنه كتب عليهم الصيام كما كتبه على الذين من قبلهم من الأمم السابقة فقال : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ...) وعلل ذلك بقوله : لعلكم تتقون أي ليعدكم به للتقوى التي هي امتثال الأوامر واجتناب النواهي ، لما في الصيام من مراقبة الله تعالى ، وقوله : (أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) ذكره ليهوّن به عليهم كلفة الصوم ومشقته ، إذ لم يجعله شهورا ولا أعواما. وزاد في التخفيف أن أذن للمريض والمسافر أن يفطر ويقضي بعد الصحة أو العودة من السفر فقال لهم : (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى (٣) سَفَرٍ (٤) فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ.) كما أن غير المريض والمسافر إذا
__________________
(١) أي بنيّة امتثال أمر الله تعالى به أو بنيّة التقرب إليه عزوجل.
(٢) هل الواجب مدّ أو مدّان خلاف ، فمن الفقهاء من يرى مدّين ومنهم من يرى مدا واحدا والمدّ الحفنة بحفنة الرجل المعتدل بين القصر والطول.
(٣) أي في حالة سفر فلذا لا ينبغي لمن عزم على السفر أن يفطر حتى يغادر بلده المقيم به شأن الصيام كشأن الصلاة فلا يقصر حتى يغادر مباني البلد.
(٤) أي فالواجب صيام عدّة من أيام أخر.