(خَتَمَ اللهُ) (١) طبع إذ الختم والطبع واحد وهو وضع الخاتم أو الطابع على الظرف حتى لا يعلم ما فيه ، ولا يتوصل إليه فيبدل أو يغير.
(الغشاوة) : الغطاء يغشّى به ما يراد منع وصول شىء إليه.
(العذاب) : الألم يزيل عذوبة الحياة ولذتها.
مناسبة الآيتين لما قبلهما ومعناهما :
لما ذكر أهل الإيمان والتقوى والهداية والفلاح ذكر بعدهم أهل الكفر والضلال والخسران فقال : [إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا] (٢) إلخ فأخبر بعدم استعدادهم للإيمان حتى استوى إنذارهم (٣) وعدمه وذلك لمضى سنة الله فيهم بالطبع على قلوبهم حتى لا تفقه ، وعلى آذانهم (٤) حتى لا تسمع ، ويجعل الغشاوة على أعينهم حتى لا تبصر ، وذلك نتيجة مكابرتهم وعنادهم وإصرارهم على الكفر. وبذلك استوجبوا العذاب العظيم فحكم به عليهم. وهذا حكم الله تعالى في أهل العناد والمكابرة والإصرار في كل زمان ومكان.
هداية الآيتين
من هداية الآيتين :
١ ـ بيان. سنة الله تعالى في أهل العناد والمكابرة والإصرار بأن يحرمهم الله تعالى الهداية وذلك بتعطيل حواسهم حتى لا ينتفعوا بها فلا يؤمنوا ولا يهتدوا.
٢ ـ التحذير من الإصرار على الكفر والظلم والفساد الموجب للعذاب العظيم.
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (٨)
__________________
(١) الختم حقيقته السّدّ على الإناء والغلق على الكتاب بطين ونحوه والخاتم هو ما سدّ وأغلق به.
(٢) قطعت جملة إن الذين كفروا ولم تعطف على السابق لكمال الانقطاع بينهما وهو التضاد إذ الأولى في ذكر الهداية والمهتدين ، وهذه في ذكر الكفر والكافرين.
(٣) قد يقال : ما دام قد علم الله تعالى أن بعضا لا يؤمنون فلم ينذرون؟ إذ إنذارهم مع العلم بأنه لا ينفعهم ، تكليف بالمحال. والجواب : أن دعوة النبي صلىاللهعليهوسلم لكل أحد وهو صلىاللهعليهوسلم لم يعلم من كتب الله تعالى عليه الشقاء ممن كتب له السعادة فلذا هو يدعو وينذر ومن كان من أهل السعادة أجاب الدعوة ومن لم يكن من أهلها رفضها ولم يجب.
(٤) تقديم السمع على البصر في عدّة آيات من القرآن يفيد أن حاسة السمع أنفع من حاسة البصر وهو كذلك والعقل أعظم من ذلك.