(أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللهِ) : أي يوم القيامة فهم يؤمنون بالبعث الآخر
(كَمْ مِنْ فِئَةٍ) : كم للتكثير والفئة : الجماعة يفيىء بعضها إلى بعض.
(وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) : يسددهم ويعينهم وينصرهم.
معنى الآية :
إنه لما خرج طالوت بالجيش أخبرهم أن الله تعالى مختبرهم في سيرهم هذا إلى قتال عدوهم بنهر ينتهون إليه وهم في حرّ شديد وعطش شديد ، ولم يأذن لهم في الشرب منه إلا ما كان من غرفة واحدة فمن أطاع ولم يشرب فهو المؤمن ومن عصى وشرب غير المأذون به فهو الكافر. ولما وصلوا إلى النهر شربوا منه يكرعون كالبهائم إلا قليلا منهم. وواصل طالوت السير فجاوز النهر هو ومن معه ، ولما كانوا على مقربة من جيش العدو وكان قرابة مائة ألف قال الكافرون والمنافقون : (لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ) فأعلنوا انهزامهم ، وانصرفوا فارين ، وقال المؤمنون الصادقون وهم الذين قال الله فيهم (قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) كانت هذه الآية في بيان سير طالوت إلى العدو وفي الآيتين التاليتين (٢٥٠) و (٢٥١) بيان المعركة وما انتهت إليه من نصر حاسم للمؤمنين الصادقين قال تعالى :
(وَلَمَّا بَرَزُوا (١) لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا (٢) أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (٢٥٠) فَهَزَمُوهُمْ (٣) بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ
__________________
(١) البراز : المكان الفسيح في الأرض المتسع منها والمتبرّز الذاهب في البراز وكانوا يخرجون لقضاء الحاجة في البراز فأطلق لفظ البراز على ما يحل فيه وهو العذرة.
(٢) فيه مشروعية الدعاء في مثل هذا الموقف وقد دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم في بدر حتى سقط رداؤه وكان إذا لاقى العدو قال اللهم بك أصول وبك أجول» ويقول «اللهم إني أعوذ بك من شرورهم وأجعلك في نحورهم» وعلم أصحابه ذلك.
(٣) الهزم : الكسر ومنه قولهم سقاء متهزم إذا انثنى بعضه على بعض مع الجفاف وقيل في زمزم هزمة جبريل أي هزمها جبريل برجله فتكسرت الأرض وخرج الماء.