شرح الكلمات :
(إِبْراهِيمُ) : هو خليل الرحمن أبو الأنبياء عليهالسلام.
(لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) : يسكن ويهدأ من التطلع والتشوق إلى الكيفيّة.
(فَصُرْهُنَ (١) إِلَيْكَ) : أملهن واضممهن إليك وقطعهن أجزاء.
(سَعْياً) : مشيا سريعا وطيرانا.
(عَزِيزٌ) : غالب لا يمتنع عنه ولا منه شيء أراده بحال من الأحوال.
(حَكِيمٌ) : لا يخلق عبثا ولا يوجد لغير حكمة ، ولا يضع شيئا في غير موضعه اللائق به.
معنى الآية الكريمة :
هذا مثل ثالث يوجه الى الرسول والمؤمنين حيث تتجلّى لهم ولايته تعالى لعباده المؤمنين بإخراجهم من الظلمات إلى النور حتى مجرّد ظلمة باستبعاد شيء عن قدرة الله تعالى ، أو تطلع الى كيفيّة إيجاد شيء ومعرفة صورته. فقال تعالى : اذكروا (إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ (٢) الْمَوْتى). سأل إبراهيم ربّه أن يريه طريقة الإحياء كيف تتم هل هي جارية على نواميس معيّنة أم هي مجرد قدرة يقول صاحبها للشيء كن فيكون ، فسأله ربه وهو عليم به أتقول الذي تقول ولم تؤمن؟ قال إبراهيم : بلى أنا مؤمن بأنك على كل شيء قدير ، ولكن أريد أن أرى صورة لذلك يطمئن لها قلبي ويسكن من التطلع والتشوق إلى معرفة المجهول لدي. فأمره تعالى إجابة له لأنه وليّه فلم يشأ أن يتركه يتطلع إلى كيفيّة إحياء ربه الموتى ، أمره بأخذ أربعة طيور (٣) وذبحها وتقطيعها أجزاء وخلطها مع بعضها بعضا ثم وضعها على أربعة (٤) جبال على كل جبل ربع الأجزاء المخلوطة ، ففعل ، ثم أخذ برأس كل طير على حدّة
__________________
(١) فسّر (صرهن) بأملهن وقطعهن كما في التفسير ، والكل صحيح إذ إما لتهن أوّلا ثم تقطيعهنّ وشاهد أملهن في قول العرب رجل أصور إذا كان مائل العنق وامرأة صوراء والجمع صور كسوداء وسود وعليه قول الشاعر :
الله يعلم أنا في تلفتنا |
|
يوم الفراق إلى جيراننا صور |
، وشاهد قطعهن قوله صار الشيء يصوره إذا قطعه ومنه قول الشاعر :
بنهضي وقد كاد ارتقائي يصورها
(٢) هذا السؤال والله ما كان عن شك من ابراهيم أبدا وكيف وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم نحن أحق بالشك من إبراهيم ، أي لو شك ابراهيم لكنّا نحن أحرى بذلك لضعفنا ولكن ما شكّ ابراهيم ، وكل ما طلبه زيادة اليقين برؤية كيفية الاحياء كيف تتم ، فسلام على إبراهيم الخليل وعلى محمد في العالمين.
(٣) يروى عن ابن عباس وبعض علماء السلف أنها كانت حمامة وديكا وغرابا وطاووسا وليس في معرفتها كبير فائدة فلذا لم أذكرها في التفسير.
(٤) الجبل قطعة عظيمة من الأرض أرسى الله تعالى بها الأرض حتى لا تضطرب وتتحرك ومنافعها كثيرة منها أنّ بعض الناس يتخذونها حصونا مانعة من وصول العدو إليهم قال السموأل :
لنا جبل يحتله من نجيرة |
|
منيع يرد الطرف وهو كليل |
وهو أحد جبال طيء شمال الحجاز.