أما الآية الثانية (٢٧١) فقد أعلم تعالى عباده المؤمنين أن ما ينفقونه لوجهه ومن طيب أموالهم علنا وجهرة هو مال رابح ، ونفقة مقبولة ، يثاب عليها صاحبها ، إلا أنّ ما يكون من تلك النفقات سرا ويوضع في أيدي الفقراء يكون خيرا لصاحبه لبعده من شائبة الرياء ، ولإكرام الفقراء ، وعدم تعريضهم لمذلة التصدق عليهم وأنه تعالى يكفّر عن المنفقين سيئاتهم بصدقاتهم ، وأخبر أنه عليم بأعمالهم فكان هذا تطمينا لهم على الحصول على أجور صدقاتهم ، وسائر أعمالهم الصالحة.
هداية الآيتين
من هداية الآيتين :
١ ـ الترغيب في الصدقات ولو قلّت والتحذير من الرياء فيها وإخراجها من رديء الأموال.
٢ ـ جواز إظهار الصدقة (١) عند سلامتها من الرياء.
٣ ـ فضل صدقة السّر وعظم أجرها ، وفي الحديث الصحيح : «ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه». ذكر من السبعة الذين يظلهم الله بظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله.
(لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (٢٧٢) لِلْفُقَراءِ (٢) الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ
__________________
(١) صدقة التطوع الإسرار بها أفضل ففي الحديث : «صدقة السرّ تطفىء غضب الرّبّ عزوجل» وفي الصحيح : سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلّا ظله : إمام عادل ، وشاب نشأ في عبادة الله ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرّقا عليه ، ورجل قلبه معلّق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه ، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال : إني أخاف الله ربّ العالمين ، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه» والصدقة الواجبة وهي الزكاة إعلانها أفضل من إسرارها. هذا ومرد القضية إلى حال المتصدق والمتصدق عليه فإن كان المتصدق بإعلانه يتبعه غيره ويكون كمن سنّ سنّة حسنة فالإعلان أفضل وإن كان المتصدق عليه يخجل ويستحي من الصدقة عليه فالإسرار له أفضل من غيره.
(٢) من قال بوجوب صدقة الفطر منع إعطاءها لفقراء أهل الذمّة ومن قال بسنيتها دون وجوبها قال يجوز ، والصحيح أنها حق لفقراء المسلمين لانشغالهم بصلاة العيد وبالعبادة في رمضان ، وأهل الذمة يعملون الليل والنهار.