(وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا) : اتركوا ما بقي عندكم من المعاملات الربويّة.
(فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ) : اعلموا بحرب من الله ورسوله واحملوا سلاحكم ولا ينفعكم (١) سلاح فإنكم المهزومون الهالكون.
(فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ) : بعد التوبة مالكم إلا رأس المال الذي عند المدين لكم فخذوه واتركوا زيادة الربا.
العسرة : الشدة والضائقة المالية.
(فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ) : أي انتظار للمدين إلى أن ييسر الله عليه فيعطيكم رأس مالكم الذي أخذه منكم.
(وَأَنْ تَصَدَّقُوا) : وأن تتصدقوا على المعسر بترك ما لكم عليه فذلك خير لكم.
معنى الآيات :
بمناسبة ذكر عقوبة آكلي الربا في الآيات السابقة نادى الله تعالى عباده المؤمنين آمرا إياهم بتقواه تعالى ، وذلك بطاعته وترك معصيته ، وبالتخلي عما بقي عند بعضهم من المعاملات الربويّة مذكرا إياهم بايمانهم إذ من شأن المؤمن الاستجابة لنداء ربه وفعل ما يأمره به وترك ما ينهاه عنه فقال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ، ثم هدد المتباطئين بقوله : فإن لم تفعلوا فاعلموا بحرب (٢) قاسية ضروس من الله ورسوله ، ثم بيّن لهم طريق التوبة وسبيل الخلاص من محنة الربا وفتنته بقوله : وإن تبتم بترك الربا فلكم رؤوس (٣) أموالكم لا غير لا تظلمون بأخذ زيادة ، ولا تظلمون بنقص من رأس مالكم. وإن وجد مدين لكم في حالة إعسار فالواجب انتظاره إلى ميسرته (٤) ، وشيء آخر وهو خير لكم أن تتصدقوا بالتنازل عن ديونكم كلّها تطهيرا لأموالكم التي لامسها الربا وتزكية لأنفسكم من آثاره السيئة. ثم ذكر تعالى سائر عباده بيوم القيامة وما فيه من أهوال ومواقف
__________________
(١) قال ابن عباس رضي الله عنهما : من كان مقيما على الربا لا ينزع عنه فحق على إمام المسلمين أن يستتيبه فإن نزع وإلّا ضرب عنقه.
(٢) حرمة الربا مجمع عليها ، والأحاديث الواردة في تحريمه كثيرة جدّا ، أذكر منها حديث مسلم : «اجتنبوا السبع الموبقات» ، وذكر منها «أكل الربا» وحديث أبي داود : «لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه».
(٣) استدل بعض الفقهاء بهذه الآية على أن كلّ ما طرأ على البيع قبل القبض مما يوجب تحريم العقد أبطل العقد.
(٤) ورد في فضل إنظار المعسر أحاديث منها : «من أنظر معسرا كان له بكلّ يوم صدقة» وقوله «من سرّه أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه».