وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ ...) وهو رضاه (١) عزوجل عنهم وهو أكبر من النعيم المذكور قبله قال تعالى في آية أخرى (٢) : (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ...)
ثم أخبر تعالى أنه بصير بعباده يعلم المؤمن الصادق والمنافق الكاذب ، والعامل المحسن والعامل المسيىء وسيجزى كلا بعدله وفضله ، ثم ذكر صفات المتقين التي ورثوا بها ما وصف من النعيم فقال : (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذابَ النَّارِ) فذكر صفة الايمان والخشية والضراعة والدعاء لهم ثم ذكر باقى الصفات الكمالية فقال : (الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ) ، يتهجدون آخر الليل وقبيل طلوع الفجر يكثرون من الاستغفار وهو طلب المغفرة.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ نعيم الآخرة خير من نعيم الدنيا مهما كان.
٢ ـ نعيم الآخرة خاصّ بالمتقين الأبرار ، ونعيم الدنيا غالبا ما يكون للفجّار.
٣ ـ التقوى وهى ترك الشرك والمعاصى هى العامل الوراثي لدار السّلام.
٤ ـ استحباب الضراعة والدعاء والاستغفار (٣) فى آخر الليل.
٥ ـ الصفات المذكورة لأهل التقوى هنا كلها واجبة في الجملة لا يحلّ ان لا يتصف بها مؤمن ولا مؤمنة في الحياة.
(شَهِدَ (٤) اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا (٥) الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ
__________________
(١) هي قوله تعالى من سورة التوبة : (وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
(٢) أخرج مسلم عنه صلىاللهعليهوسلم «انّ أهل الجنة إذا دخلوها يقول الله تعالى لهم : تريدون شيئا أزيدكم؟ فيقولون يا ربنا وأي شيء أفضل من هذا؟ فيقول : رضاي فلا أسخط عليكم بعده أبدا».
(٣) شاهده ما رواه الأئمة عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «ينزل الله عزوجل إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل الأوّل فيقول أنا الملك أنا الملك من ذا الذي يدعوني فأستجيب له ، من ذا الذي يسألني فأعطيه ، من ذا الذي يستغفرني فأغفر له فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر» رواه مسلم.
(٤) روى الكلبي ونقل ذلك القرطبي فقال : «لما ظهر رسول الله صلىاللهعليهوسلم قدم عليه حبران من أحبار الشام فلما أبصرا المدينة قال أحدهما لصاحبه. ما أشبه هذه المدينة بصفة مدينة النبي الذي يخرج في آخر الزمان فلّما دخلا على النبي صلىاللهعليهوسلم عرفاه بالصفة والنعت فقالا له : أنت محمد؟ قال نعم قالا وأنت أحمد؟ قال نعم. قالا نسألك عن شهادة فإن أنت أخبرتنا بها آمنا بك وصدّقناك فقال لهما رسول الله صلىاللهعليهوسلم اسألاني فقالا : أخبرنا عن أعظم شهادة في كتاب الله فأنزل الله تعالى على نبيه : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) الآية.
(٥) في عطف شهادة أولي العلم على شهادة الله تعالى شرف كبير لأولي العلم ، وفي الحديث : «إنّ العلماء ورثة الأنبياء» ، «العلماء أمناء الله على خلقه».