ذلك النبيين بغير حق (١) ولا موجب للقتل ، ويقتلون الذين يأمرونهم (٢) بالعدل من أتباع الأنبياء المؤمنين الصالحين ، هذه جرائم بعض أهل الكتاب فبشرهم بعذاب أليم ، ثم أخبر أن أولئك البعداء في مهاوي الشر والفساد والظلم والعناد حبطت أعمالهم في الدنيا فلا يجنون منها عاقبة حسنة ولا مدحا ولا ثناء بل سجلت لهم بها عليهم لعنات في الحياة والممات ، والآخرة كذلك وليس لهم فيها من ناصرين ينصرونهم فيخلصونهم من عذاب الله وهيهات هيهات أن يوجد من دون الله ولي أو نصير.
هداية الآيتين
من هداية الآيتين :
١ ـ الكفر والظلم من موجبات هلاك الدنيا ولزوم عذاب الآخرة.
٢ ـ قتل الآمرين بالمعروف (٣) والناهين عن المنكر كقتل الأنبياء في عظم الجرم.
٣ ـ الشرك محبط للأعمال مفسد لها في الدنيا والآخرة.
٤ ـ من خذله الله تعالى لا ينصره أحد ، ومن ينصره الله لا يغلبه أحد.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٢٤) فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ
__________________
(١) بغير حق : حال مؤكدة إذ لا يقع قتل نبي إلّا بغير حق فقتلهم الأنبياء متأكد وهو قبيح وكونه بغير حق هو أشد قبحا ، والآية تشنيع لأفعالهم القبيحة.
(٢) روى ابن أبي حاتم وابن جرير عن أبي عبيدة رضي الله عنه «قال : قلت يا رسول الله أيّ الناس أشد عذابا يوم القيامة؟
قال : رجل قتل نبيّا أو رجلا أمر بمعروف ونهى عن منكر ثمّ قرأ الآية : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ) الخ ثم قال يا أبا عبيدة قتلت بنو اسرائيل ثلاثة وأربعين نبيّا أوّل النهار في ساعة واحدة فقام مائة وسبعون رجلا من عبّاد بنى اسرائيل فأمروا من قتلهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر فقتلوا جميعا من آخر النهار من ذلك اليوم فهم الذين ذكر الله تعالى».
(٣) ذكر القرطبي في تفسيره الرواية التالية : كل بلدة يكون فيها أربعة فأهلها معصومون من البلاء إمام عادل لا يظلم ، وعالم على سبيل الهدى ، ومشايخ يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويحرصون على طلب العلم والقرآن ونساؤهم مستورات لا يتبرّجن تبرج الجاهلية الأولى وأخرج ابن ماجه عن أنس بن مالك قال قيل يا رسول الله متى يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ قال إذا ظهر فيكم ما ظهر في الأمم من قبلكم قلنا يا رسول الله وما ظهر في الأمم قبلنا؟ قال : الملك في صغاركم والفاحشة في كباركم والعلم في رذالتكم الرذالة كالحثالة ومعناه فيمن لا خير فيهم.