أن يقول لهم موبخا مسجلا عليهم الكفر يا أهل الكتاب لم تكفرون بحجج الله تعالى وبراهينه المثبتة لنبوة نبيّه محمد صلىاللهعليهوسلم ودينه الإسلام تلك الحجج والبراهين التي جاء بها القرآن والتوراة والإنجيل معا؟ والله جل جلاله مطلع على كفركم عليم به ، أما تخافون عقابه أما تخشون عذابه؟.
كما أمر تعالى رسوله أيضا أن يقول لهم مؤنبّا موبخا لهم على صرفهم المؤمنين عن الإسلام بأنواع الحيل والتضليل : يا أهل الكتاب (١) أي يا أهل العلم الأول لم تصرفون المؤمنين عن الإسلام الذي هو سبيل الله بما تثيرونه بينهم من الشكوك والأوهام تطلبون للإسلام العوج لينصرف المؤمنون عنه ، مع علمكم التام بصحة الإسلام وصدق نبيّه محمد عليه الصلاة والسّلام أما تخافون الله ، أما تخشونه تعالى وهو مطلع على سوء تدبيركم غير غافل عن مكركم وغشكم وخداعكم.
هداية الآيتين
من هداية الآيتين :
١ ـ شدة قبح كفر وظلم من كان عالما من أهل الكتاب بالحق ثم كفره وجحده بغيا وحسدا.
٢ ـ حرمة صرف الناس عن الحق والمعروف بأنواع الحيل وضروب الكذب والخداع.
٣ ـ علم الله تعالى بكل أعمال عباده من خير وشر وسيجزيهم بها فضلا منه وعدلا.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ (١٠٠) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٠١)
__________________
(١) أخرج ابن اسحق في سبب نزول هذه الآية : (يا أَهْلَ الْكِتابِ ...) أن شماس بن قيس اليهودي رأى جماعة من المسلمين من الأوس والخزرج باديا عليهم الوئام (المحبة) فغاظه ذلك فأمر أحد اليهود أن يجلس بينهم ويذكرهم بحرب بعاث وفعل فحدث نزاع بينهم أدى بهم إلى الخروج الى الحرّة للتقاتل وفعلا خرجوا وسمع بذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم فخرج إليهم وهدأهم بقوله : «أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم» وما زال يعظهم حتى ألقوا السلاح وتعانقوا وهم يبكون ، وعرفوا أنها مكرة يهود وخدعتهم عليهم لعائن الله ، وأنزل تعالى هذه الآية والتي قبلها.