والمحبة التي كانت ثمرة هدايتهم للإيمان والإسلام ، بعد أن كانوا أعداء متناحرين مختلفين فألّف بين قلوبهم فأصبحوا بها إخوانا متحابين متعاونين ، كما كانوا قبل نعمة الهداية إلى الإيمان على شفا جهنم لو مات أحدهم يومئذ لوقع فيها خالدا أبدا ، وكما أنعم عليهم وأنقذهم من النار ما زال يبين لهم الآيات الدالة على طريق الهداية الداعية إليه ليثبتهم على الهداية ويكملهم فيها فقال تعالى : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا (١) وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً ، وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها ، كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ (٢) لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ).
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ طاعة كثير من علماء اليهود والنصارى بالأخذ بنصائحهم وتوجيهاتهم وما يشيرون به على المسلم تؤدي بالمسلم إلى الكفر شعر بذلك أم لم يشعر فلذا وجب الحذر كل الحذر منهم.
٢ ـ العصمة في التمسك بكتاب الله وسنة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فمن تمسك بهما لم يضل.
٣ ـ الأخذ بالإسلام جملة والتمسك به عقيدة وشريعة أمان من الزيغ والضلال وأخيرا من الهلاك والخسران.
٤ ـ وجوب التمسك بشدة بالدين الإسلامي وحرمة (٣) الفرقة والاختلاف فيه.
٥ ـ وجوب ذكر النعم لأجل شكر الله تعالى عليها بطاعته وطاعة رسوله صلىاللهعليهوسلم.
٦ ـ القيام على الشرك والمعاصي وقوف على شفير جهنم فمن مات على ذلك وقع في جهنم حتما بقضاء الله وحكمه.
(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٤) وَلا
__________________
(١) في الآية حرمة التفرق في الدين ومنه التفرق في الحكم ، فكلاهما محرّم لما يفضي بالمتفرقين إلى الهلاك والخسران.
عرف هذا أعداء الإسلام فعملوا على تفرقة أمّة الإسلام ، وفرقوها مذاهب وطوائف ثمّ دويلات وحكومات ثم أذلوها وأهانوها.
(٢) وهذه نعمة أخرى : مواصلة إنزال القرآن بالأحكام والشرائع والآداب والمواعظ والعبر ليتم لهم كمالهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة فلله الحمد والمنّة.
(٣) في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم : «إنّ الله يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ، وأن تناصحوا من ولّاه الله أمركم ، ويكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال».