سببية أي بسبب فعلهم كذا وكذا والمسكنة هي ذلة الفاقة والفقر.
(يَعْتَدُونَ) : الاعتداء مجاوزة الحد في الظلم والشر والفساد.
معنى الآيات :
لما أمر الله تعالى المؤمنين بتقواه والاعتصام بحبله فامتثلوا وأمرهم بتكوين جماعة منهم يدعون إلى الإسلام ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فامتثلوا ذكرهم بخير عظيم فقال لهم : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) كما قال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كنتم خير الناس للناس ..» ووصفهم بما كانوا به خير أمة فقال تأمرون بالمعروف وهو الإسلام وشرائع الهدى التي جاء بها نبيّه صلىاللهعليهوسلم وتنهون عن المنكر وهو الكفر والشرك وكبائر الإثم والفواحش ، وتؤمنون بالله. وبما يتضمنه الإيمان بالله من الإيمان بكل ما أمر تعالى بالإيمان به من الملائكة والكتب والرسل والبعث الآخر والقدر. ثم دعا تعالى أهل الكتاب الى الإيمان الصحيح المنجي من عذاب الله فقال عزوجل ، ولو آمن أهل الكتاب بالنبي محمد وما جاء به من الإسلام لكان خيرا لهم من دعوى الإيمان الكاذبة التي يدعونها. وأخبر تعالى عنهم بأن منهم المؤمنين الصادقين في إيمانهم كعبد الله بن سلام وأخيه ، وثعلبة بن سعيد وأخيه ، وأكثرهم الفاسقون الذين لم يعملوا بما جاء في كتابهم من العقائد والشرائع من ذلك أمر الله تعالى بالإيمان بالنبي الأميّ واتباعه على ما يجيء به من الاسلام ثم أخبر المسلمين أن فساق أهل الكتاب لن يضروهم إلا أذى يسيرا كإسماعهم الباطل وقولهم الكذب. وأنهم لو قاتلوهم ينهزمون أمامهم مولينهم ظهورهم فارّين من القتال ثم لا ينصرون على المسلمين في أي قتال يقع بين الجانبين.
كما أخبر تعالى في الآية (١١٢) أنه تعالى ضرب عليهم الذلة والمسكنة أينما ثقفوا وفي أيّ البلاد وجدوا لن تفارقهم الذلة والمسكنة في حال من الأحوال إلا في حال دخولهم في الإسلام وهو حبل (١) الله ، أو معاهدة وارتباط بدولة قوية وذلك هو حبل (٢) الناس. كما أخبر تعالى عنهم
__________________
(١) هذه الآية مخصصة لعموم آية الأعراف (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ) إلا في حال إسلامهم أو ارتباطهم بمعادة دولة قوية كما هي الحال اليوم.
(٢) الحبل مستعار هنا للعهد أي المعاهدة التي تربطهم بدولة قوية كبريطانيا وأمريكا الآن.