(فَرِحِينَ) : مسرورين.
(أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) : لما وجدوا من الأمن التام عند ربهم.
(وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) : على ما خلفوا وراءهم في الدنيا لما نالهم من كرامة في الجنة.
(يَسْتَبْشِرُونَ) : يفرحون
(وَفَضْلٍ) : وزيادة.
معنى الآيات :
ما زال السياق في الحديث عن غزوة أحد فقال تعالى لرسوله صلىاللهعليهوسلم : (وَلا تَحْسَبَنَ) (١) أي لا تظنن الذين استشهدوا من المؤمنين في أحد وغيرها أمواتا لا يحسون ولا يتنعمون بطيب الرزق ولذيذ العيش بل هم أحياء عند ربهم يرزقون أرواحهم في حواصل طير خضر يأكلون من ثمار الجنة ويأوون إلى قناديل معلقة بالعرش. إنهم فرحون بما أكرمهم (٢) الله تعالى به ، ويستبشرون بإخوانهم المؤمنين الذين خلفوهم في الدنيا على الإيمان والجهاد بأنهم إذا لحقوا بهم لم يخافوا ولم يحزنوا لأجل ما يصيرون إليه من نعيم الجنة وكرامة الله تعالى لهم فيها. إن الشهداء جميعا مستبشرون فرحون بما ينعم (٣) الله عليهم ويزيدهم وبأنه تعالى لا يضيع أجر المؤمنين شهداء وغير شهداء بل يوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ الشهداء أحياء والمؤمنون أحياء في الجنة غير أن حياة الشهداء أكمل.
٢ ـ الشهداء (٤) يستبشرون بالمؤمنين الذين خلفوهم على الإيمان والجهاد بأنهم اذا لحقوا بهم نالهم من الكرامة والنعيم ما نالهم هم قبلهم.
__________________
(١) روى أبو داود بسند صحيح عن ابن عباس قال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في جوف طير خضر ترد أنهار الجنة تأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقامهم قالوا : من يبلغ إخواننا عنا أنّا أحياء في الجنة نرزق لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عند الحرب فقال الله سبحانه : أنا ابلغهم عنكم فأنزل الله (وَلا تَحْسَبَنَ) الآية».
(٢) مما ورد في فضل الشهيد أنّ الله تعالى يغفر له كل ذنب أذنبه إلّا الدين لقوله صلىاللهعليهوسلم : «القتيل في سبيل الله يكفر كل شيء إلّا الدين كذلك قال لي جبريل عليهالسلام آنفا». قال العلماء : الدين يشمل كل الحقوق المتعلقة بالذمة.
(٣) روى الترمذي وصححه أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «للشهيد عند الله ست خصال : يغفر له في دفعة ويرى مقعده من الجنة ويجار من عذاب القبر ، ويأمن من الفزع الأكبر ، ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها ، ويزوج اثنتين وسبعين زوجه من الحور العين ويشفع في سبعين من أقاربه».
(٤) الإجماع على أن شهيد المعركة بين الكفار والمسلمين أنه لا يغسل ولا يصلى عليه لحديث البخاري. «وادفنوهم بدمائهم» يعني شهداء أحد ولم يغسلهم والعلة في عدم غسلهم أن دماءهم تأتي يوم القيامة كريح المسك.