اليهم في التوراة والانجيل خاشعين لله ، أي خاضعين له عابدين ، لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا كسائر اليهود والنصارى حيث يحرفون كلام الله ويبدلونه ويخفون منه ما يجب ان يظهروه ويبينوه حفاظا على منصب أو سمعة أو منفعة مادية ، أما هؤلاء وهم عبد الله بن سلام من اليهود وأصحمة النجاشى من النصارى ، وكل من أسلم من أهل الكتاب فإنهم المؤمنون حقا المستحقون للتكريم والإنعام قال تعالى فيهم أولئك لهم أجرهم عند ربهم يوفيهم إياه يوم القيامة إن الله سريع الحساب ، إذ يتم حساب الخلائق كلهم في مثل نصف يوم من أيام الدنيا.
هذا ما تضمنته الآية الرابعة (١٩٩) أما الآية الخامسة والأخيرة (٢٠٠) وهى قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا (١) وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) فإنها تضمنت دعوة كريمة ونصيحة غالية ثمينة للامة الرحيمة بأن تصبر على الطاعات وعلى الشدائد والملمات فتصابر اعداءها حتى يستلموا او يسلموا القياد لها. وترابط بخيولها وآلات حربها في حدودها وثغورها مرهبة عدوها حتى لا يطمع في غزوها ودخول ديارها. ولتتق الله تقوى تكون سببا فى فوزها وفلاحها بهذه الرحمة الربانية ختمت سورة آل عمران المباركة ذات الحكم والأحكام وتليها سورة النساء.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ تنبيه المؤمنين وتحذيرهم من الاغترار بما يكون عليه الكافرون من سعة الرزق وهناءة العيش فإن ذلك لم يكن عن رضى الله تعالى عنهم ، وإنما هو متاع في الدنيا حصل لهم بحسب سنة الله تعالى في الكسب والعمل ينتج لصاحبه بحسب كده وحسن تصرفه.
٢ ـ ما أعد لأهل الإيمان والتقوى وهم الأبرار من نعيم مقيم في جوار ربهم خير من الدنيا وما فيها.
٣ ـ شرف مؤمنى أهل الكتاب وبشارة القرآن لهم بالجنة وعلى رأسهم عبد الله بن سلام وأصحمة النجاشى.
__________________
(١) المصابرة : هي الصبر في وجه العدو الصابر ، ومن هنا كانت المصابرة أشد من الصبر لأنها صبر في وجه عدو صابر فأيهما لم يثبت على صبره هلك ، وأصبح النجاح لأطولهما صبرا قال زفر بن الحارث في اعتذاره عن الانهزام
سقيناهم كأسا سقونا بمثلها |
|
ولكنهم كانوا على الموت أصبرا |