بإقامة الحد عليه رخص له أن يتزوج المملوكة بشرط أن تكون مؤمنة ، وأن يتزوجها بإذن (١) مالكها وأن يؤتيها صداقها وأن يتم ذلك على مبدأ الإحصان الذي هو الزواج بشروطه لا السفاح ، الذي هو الزنى العلني المشار إليه بكلمة (غَيْرَ مُسافِحاتٍ) ، ولا الخفيّ المشار إليه بكلمة (وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ) أي أخلاء هذا معنى قوله تعالى (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً) أي قدرة مالية أن ينكح المحصنات أي العفائف من (فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ) أي من إمائكم المؤمنات لا الكافرات بحسب الظاهر أما الباطن فعلمه إلى الله ولذا قال : (وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ) وقوله (بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) فيه تطييب لنفس المؤمن إذا تزوج للضرورة الأمة فإن الإيمان أذهب الفوارق بين المؤمنين وقوله : (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ) فيه بيان للشروط التي لا بد منها وقد ذكرناها آنفا.
وقوله تعالى : (فَإِذا أُحْصِنَ) ـ أي الإماء ـ بالزواج وبالإسلام (فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ) أي زنين فعليهن حد هو نصف ما على المحصنات من العذاب وهو جلد خمسين جلدة وتغريب ستة أشهر ، لأن الحرة إن زنت (٢) وهي بكر تجلد مائة وتغرب سنة. أما الرجم والذي هو الموت فإنه لا ينصف فلذا فهم المؤمنون في تنصيف العذاب أنه الجلد لا الرجم وهو إجماع لا خلاف فيه وقوله : (ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ) يريد أبحت لكم ذلك لمن خاف على نفسه الزنى إذا لم يقدر على الزواج من الحرة لفقره واحتياجه وقوله تعالى : (وَأَنْ تَصْبِرُوا .....) أي على العزوبيّة خير لكم من نكاح الإماء. وقوله (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي غفور للتائبين رحيم بالمؤمنين ولذا رخّص لهم في نكاح الإماء عند خوف العنت ، وأرشدهم إلى ما هو خير منه وهو الصبر (٣) فلله الحمد وله المنّة.
هداية الآيتين :
من هداية الآيتين :
١ ـ تحريم المرأة المتزوجة حتى يفارقها زوجها بطلاق أو موت وحتى تنقضي عدتها.
__________________
(١) وأجمعوا على أنّه لا يجوز للمملوك أن يتزوج بغير إذن سيده ، وإن تزوّج فسخ زواجه وهل عليه الحدّ؟ خلاف.
(٢) دليل حد الأمة إن زنت قوله صلىاللهعليهوسلم : (إذا زنت أمة أحدكم فليحدها الحد).
وقال على في خطبته أيها الناس : أقيموا على أرقائكم الحدّ من أحصن منهن ومن لم يحصن الحديث رواه مسلم.
(٣) قال أبو هريرة سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : (الحرائر صلاح البيت والإماء هلاك البيت أو قال فساد البيت)