النَّاسِ بِما أَراكَ (١) اللهُ) أي بما أعلمك وعرفك به لا بمجرد رأي رآه غيرك من الخائنين وعاتبه ربه تعالى بقوله (وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً) أي مجادلا عنهم ، فوصم تعالى بني أبيرق بالخيانة ، لأنهم خانوا أنفسهم بدفعهم التهمة عنهم بأيمانهم الكاذبة. (وَاسْتَغْفِرِ (٢) اللهَ) من أجل ما هممت به من عقوبة اليهودي ، (إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) فيغفر لك ما هممت به ويرحمك (وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ) حيث اتهموا اليهودي كذبا وزورا ، (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً) كطعمة بن أبيرق (يَسْتَخْفُونَ (٣) مِنَ النَّاسِ) حياء منهم ، (وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ) ولا يستحيون منه ، وهو تعالى معهم في الوقت الذي كانوا يدبرون كيف يخرجون من التهمة بإلصاقها باليهودي البرىء ، وعزموا أن يحلفوا على براءة أخيهم وإتهام اليهودي هذا القول مما لا يرضاه الله تعالى .. وقوله عزوجل : (وَكانَ اللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً) فما قام به طعمة من سرقة الدرع ووضعها لدى اليهودي ثم اتهامهم اليهودي ، وحلفهم على براءة أخيهم كل ذلك جرى تحت علم الله تعالى والله به محيط ، فسبحانه من إله عليم عظيم. وقوله تعالى : (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ) أي يا هؤلاء (جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فَمَنْ يُجادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) هذا الخطاب موجه إلى الذين وقفوا إلى جنب بني أبيرق يدفعون عنهم التهمة فعاتبهم الله تعالى بقوله : (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ) ، اليوم في هذه الحياة الدنيا لتدفعوا عنهم تهمة السرقة (فَمَنْ (٤) يُجادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) يتولى الدفاع عنهم في يوم لا تملك فيه نفس لنفس شيئا والأمر كله لله فتضمنت الآية تقريعا شديدا حتى لا يقف أحد بعد موقفا مخزيا كهذا.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ لا يجوز الحكم بغير ما أنزل الله تعالى في كتابه وعلى لسان رسوله صلىاللهعليهوسلم.
٢ ـ لا يجوز الوقوف إلى جنب الخونة الظالمين نصرة لهم.
__________________
(١) (بِما أَراكَ اللهُ) معناه على قوانين الشرع إمّا بوحي ونص أو بنظر جار على سنن الوحي.
(٢) فيه إرشاد للأمة وتعليم لها إذ الرسول صلىاللهعليهوسلم لم يقارف ذنبا وكل ما في الأمر أنّه همّ على ظنّ منه ودفع الله عنه ما همّ به بنزول الآية ، أو استغفاره لما همّ به هو من باب حسنات الأبرار سيئات المقربين.
(٣) أي يستترون.
(٤) الاستفهام هنا للانكار ، والتوبيخ ، والتقريع.