(يُفْتِيكُمْ) : يبيّن لكم ما أشكل عليكم من أمر الكلالة.
(الْكَلالَةِ) : أن يهلك الرجل ولا يترك ولدا ولا ولد ولد وإنما يترك أخا أو أختا.
الحظ : النصيب.
(أَنْ تَضِلُّوا) : كيلا تضلوا أي تخطئوا في قسمة التركة.
معنى الآية الكريمة :
هذه الآية تسمى آية الكلالة (١) ، وآيات المواريث أربع الأولى في شأن الولد والوالد (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) (٢) والثانية في شأن الزوج والزوجة (وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ) الخ .. وفي شأن الإخوة لأم (وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ) الخ .. وهاتان الآيتان تقدمتا في أول سورة النساء ، والثالثة هي هذه (يَسْتَفْتُونَكَ) الخ. وهى في شأن ميراث الاخوة والأخوات عند موت أحدهم ولم يترك ولدا ولا ولد ولد .. وهو معنى الكلالة والرابعة في آخر سورة الانفال وهي في شأن ذوى الأرحام وهى قوله تعالى : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ).
وهذه الآية نزلت عند سؤال بعض الصحابة رضي الله عنهم عن الكلالة فقال تعالى يسألونك أيها الرسول عن الكلالة قل للسائلين الله يفتيكم في الكلالة وهذه فتواه : إن هلك امرؤ ذكرا كان أو أنثى وليس له ولد ولا ولد ولد وله أخت شقيقة أو لأب فلها نصف ما ترك ، وهو يرثها أيضا إن لم يكن لها ولد ولا ولد ولد. فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء أي ذكورا وإناثا فللذكر مثل حظ الانثتين وبعد أن بيّن تعالى كيف يورث من مات كلالة قال مبيّنا حكمة هذا البيان : (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) أي كيلا (٣) تضلوا في قسمة التركات فتخطئوا الحق وتجوروا في قسمة أموالكم. (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ (٤) عَلِيمٌ) فلا
__________________
(١) وتسمى آية الصيف لأنها نزلت في زمن الصيف ، وقال عمر رضي الله عنه إني والله لا أدع شيئا أهمّ إليّ من أمر الكلالة وقد سألت رسول الله عنها فما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي فيها حتى طعن في جنبي أو صدري وقال : «يا عمر ألا تكفيك آية الصيف».
(٢) الجمهور ما عدا ابن عباس والظاهرية على أنّ الأخوات عصبة مع البنات فلو هلك هالك وترك أختا له وبنتا ، فإنّ المال بينهما نصفين وإن ترك ثلاثا فالمال بينهن أثلاثا وهكذا الأخوات عصبة مع البنات قضى بهذا معاذ رضي الله عنه.
(٣) بعضهم يقدّر كراهة أن تضلوا ، ولمّا كان الحذف لازما للتخفيف فتقدير كيلا أفضل من لفظ الكراهة ، وهو ما ذكرته في التفسير ولم أذكر غيره.
(٤) من جملة الأشياء العليم بها أحوالكم وما تتطلبه حياتكم في الدنيا والآخرة ، وهذا يقتضي الثقة والطمأنينة فيما شرع لكم وتنفيذه في إخلاص وحسن أداء.