الرسول صلىاللهعليهوسلم بأمور ليس في مكنته ، وإعلام بأن من يجري على أسلوب التعنت وسوء الأدب مع الرسول صلىاللهعليهوسلم قد يصاب بزيغ القلب فيكفر ، دلّ على هذا قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ).
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ ثبوت النسخ في القرآن الكريم ، كما هو ثابت في السنة ، وهما أصل التشريع ولا نسخ في قياس ولا إجماع.
٢ ـ رأفة الله تعالى بالمؤمنين في نسخ الأحكام وتبديلها بما هو نافع لهم في دنياهم وآخرتهم.
٣ ـ وجوب التسليم لله والرضا بأحكامه ، وعدم الاعتراض عليه تعالى.
٤ ـ ذم التنطع في الدين وطرح الأسئلة المحرجة (١) والتحذير من ذلك.
(وَدَّ كَثِيرٌ (٢) مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً (٣) مِنْ (٤) عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا (٥) وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٩) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ
__________________
(١) روى مسلم أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «هلك المتنطعون» وفسر بالمتعنتين في السؤال عن عويص المسائل التي يندر وقوعها.
(٢) مناسبة هاتين الآيتين لما قبلهما ظاهرة ، وهي أنه لما حذّر تعالى المؤمنين من مسلك اليهود مع أنبيائهم في الأسئلة المحرجة المتعنتة أعلمهم أن اعداءهم من اليهود يودون لهم الكفر بعد إيمانهم حسدا لهم وعلى رأس هؤلاء كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب وأبو ياسر وغيرهم كما أن ابن أبيّ وجماعة من سكان المدينة كانوا يعملون جاهدين على صرف من آمن عن إيمانه ولما لم يحن الوقت للقتال أمرهم تعالى بالصفح والعفو والاعداد حتى يأتي الأمر بالقتال.
(٣) الحسد ثلاثة أنواع : وهي تمني زوال نعمة عمن هي به ، وتمني زوالها ولو لم تحصل لمتمنيها وهذا شرّ وأقبح من الأول وهما محرمان لما فيهما من تسفيه المنعم عزوجل إذ الحاسد معترض على قسمة الله وعطائه عباده ما شاء. وتمني حصول نعمة كالتي حصلت لغيره وهذا مباح وليس حراما ويشهد له حديث الصحيح : «لا حسد إلا في اثنتين» الحديث ويسمى غبطة.
(٤) جملة : (مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) تأكيد لمضمون التي قبلها. ومنه قوله تعالى : (يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ويَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ).
(٥) فاعفوا : أصلها فاعفووا ، حذفت الضمّة للثقل ، وحذفت الواو لالتقاء الساكنين فصارت فاعفوا.