والملك مسلم لا يدخل المدينة إلّا يوم الجمعة ، يركب الفيل ويدخل المدينة لصلاة الجمعة.
بها صنم يعظّمه الهند ويحجّ إليه من أقصى بلاد الهند ، ويتقرّب إليه كلّ سنة بأموال عظيمة ، لينفق على بيت الصنم والمعتكفين منهم. وبيت الصنم قصر مبنيّ في أعمر موضع بين سوق العاجنين وسوق الصّفّارين ، وفي وسط القصر قبّة فيها الصنم.
قال مسعر بن مهلهل : سمك القبّد في الهواء ثلاثمائة ذراع ، وطول الصنم عشرون ذراعا ، وحول القبّة بيوت يسكنها خدم الصنم العاكفون عليه ، وليس في ملتان عبّاد الصنم إلّا في هذا القصر.
وصورة الصنم إنسان جالس مربّعا على كرسي ، وعيناه جوهرتان ، وعلى رأسه إكليل ذهب ، مادّ ذراعيه على ركبتيه ، منهم من يقول من خشب ، ومنهم من يقول من غير خشب ، ألبس بدنه مثل جلد السختيان الأحمر ، إلّا أن يديه لا تنكشفان وجعل أصابعه من يديه كالقابض أربعة في الحساب ، وملك ملتان لا يبطل ذلك الصنم لأنّه يحمل إليه أموالا عظيمة يأخذها الملك ، وينفق على سدنة الصنم شيئا معلوما. وإذا قصدهم الهند محاربين أخرج المسلمون الصنم ويظهرون كسره أو إحراقه فيرجعون عنهم.
حكى ابن الفقيه أن رجلا من الهند أتى هذا الصنم ، وقد اتّخذ لرأسه تاجا من القطن ملطخا بالقطران ولأصابعه كذلك ، وأشعل النار فيها ، ووقف بين يدي الصنم حتى احترق.
وينسب إليها هارون بن عبد الله مولى الأزد ، كان شجاعا شاعرا ، ولمّا حارب الهند المسلمين بالفيل لم يقف قدام الفيل شيء ، وقد ربطوا في خرطومه سيفا هذاما طويلا ثقيلا ، يضرب به يمينا وشمالا لا يرفعه فوق رأس الفيالين على ظهره ويضرب به ، فوثب هارون وثبة أعجله بها عن الضرب ولزق بصدر الفيل ، وتعلّق بأنيابه ، فجال به الفيال جولة كاد يحطمه من شدّة ما جال به.