وجد كنزا ، فأخذوه وانطلقوا به إلى الملك فأخبروا الملك بأمره والدراهم ، فتركه الملك حتى سكنت روعته ثمّ قال : ما شأنك يا فتى؟ أخبرني بأمرك ولا بأس عليك! فقال الفتى : ما اسم هذه المدينة؟ قالوا : افسوس. قال : وما فعل دقيانوس؟ قالوا : أهلكه الله منذ ثلاثمائة سنة! فأخبرهم بقصّته وقصّة أصحابه.
فقال الملك : أرى في عقل هذا الرجل نقصانا ؛ قال الراعي : إن أردت تحقيق ما أقول انطلق معي إلى أصحابي لتراهم في الكهف!
فركب الملك وعامّة أهل المدينة فقال الراعي : إن أصحابي إذا سمعوا جلبة الناس خافوا ، فأذن لي أيّها الملك حتى أتقدّم وأبشّرهم. فأذن له فتقدّم حتى انتهى إلى باب الكهف ، فدخل عليهم وأخبرهم بهلاك دقيانوس وظهور الإسلام ، وأن القوم في ولاية ملك صالح ، وها هو قد أقبل إليكم ومعه عامّة أهل المدينة.
فلمّا سمعوا ذلك كبّروا وحمدوا الله ، ووافاهم الملك وأهل المدينة. والملك سلّم عليهم وسألهم عن حالهم وعانقهم. وعامة الناس سلّموا عليهم ، فبادروا بذكر قصّتهم حتى إذا فرغوا من ذلك خرّوا موتى. فبنوا على الكهف مسجدا ، واتّخذوا ذلك اليوم عيدا ، وانّهم على حالهم إلى زماننا هذا.
أفلوغونيا
مدينة كبيرة من نواحي أرمينية ، أهلها نصارى. من خواصّها إسراع الجذام إلى أهلها لأن أكثر أكلهم الكرنب والغدد فيهم طبع ، وفيهم خدمة للضيف وقرى ، وحسن الطاعة لرهبانهم ، والرهابين يلعبون بعقولهم. حكي انّه إذا مرض أحدهم أحضر الراهب ودفع مالا إليه ليستغفر له. ويحضر القس وانّه يبسط كساء ويعترف المريض بذنب ذنب ممّا عمله ، والقسّ قاعد يضمّ كفّيه ، كلّما فرغ المذنب ينفض كفّيه في الكساء إلى أن فرغ من تمام ذنوبه. وبعد فراغه يضمّ القسّ أطراف الكساء ويخرج بها وينفض في الصحراء ، فيظنّون أن الذنوب قد انمحت بالصدقة ودعاء القسّ.