الأخرى ماء بارد. ذكرهما صاحب تحفة الغرائب وقال : أمّا الحار فلو رميت فيه اللحم ينطبخ ، وأمّا البارد فيصعب شربه لغاية برودته.
وبها جبل شلير لا يفارقه الثلج صيفا ولا شتاء ، وهو يرى من اكثر بلاد الأندلس لارتفاعه وشموخه ، وفيه أصناف الفواكه من التفّاح والعنب والتوت والجوز والبندق وغير ذلك ، والبرد به شديد جدّا ؛ قال بعض المغاربة وقد اجتاز بشلير فوجد ألم البرد :
يحلّ لنا ترك الصّلاة بأرضكم |
|
وشرب الحميّا وهي شيء محرّم |
فرارا إلى نار الجحيم ، فإنّها |
|
أخفّ علينا من شلير وأرحم! |
إذا هبّت الرّيح الشّمال بأرضكم |
|
فطوبى لعبد في اللّظى يتنعّم |
أقول ولا الحى على ما أقوله |
|
كما قال قبلي شاعر متقدّم : |
فإن كنت يوما في جهنّم مدخلي |
|
ففي مثل ذاك اليوم طاب جهنّم! |
وبها جبل الكحل. إنّه بقرب مدينة بسطة ؛ قالوا : إذا كان أوّل الشهر أخذ الكحل يخرج من نفس الجبل ، وهو كحل أسود لا يزال كذلك إلى نصف الشهر ، فإذا زاد على النصف نقص الكحل ، ولا يزال الذي خرج يرجع إلى تمام الشهر.
وبها نهر ابره ؛ قال أحمد بن عمر العذري صاحب المسالك والممالك الأندلسية : مخرج هذا النهر من عين يقال لها فونت ايبرهي ، ومصبّه في البحر الشامي بناحية طرطوشة ، وامتداده مائتا ميل وعشرة أميال ، يوجد فيه صنف من السمك عجيب يقال له الترحته لا يوجد في غيره البتّة ، وهو سمك أبيض ليس له إلّا شوكة واحدة ؛ كلّ ذلك عن العذري صاحب الممالك والمسالك الأندلسيّة.
وبها نهر أنّه. مخرجه من موضع يعرف بفجّ العروس ، ثمّ يغيض بحيث لا يبقى له أثر على وجه الأرض ، ويحرج بقرية من قرى قلعة رباح يقال لها أنّه ، ثمّ يغيض ويجري تحت الأرض ، ثمّ يبدو هكذا مرارا في مواضع شتى إلى أن