حكي انّه لمّا جمع هذا الكتاب بحسنه وصحّته أراد أن يسمع منه أحد حتى يروي عنه بعد موته ، فما كان أحد يوافقه أن يسمع منه ذلك ، حتى ذهب إلى شخص يعمل طول نهاره على بقر فقال له : أنا أقرأ هذا الكتاب وأنت تسمعه مني فلعلّه ينفعك بعد ذلك! وكان الشيخ يقرأ كتاب الصحيح والبقر يعمل والفربري يسمع منه حتى أسمعه جميع الكتاب. فلهذا ترى كلّ من يروي صحيح البخاري تكون روايته عن الفربري.
وينسب إليها أبو خالد يزيد بن هارون. كان أصله من بخارى ومقامه بواسط العراق. حكى عاصم بن عليّ أن يزيد بن هارون كان إذا صلّى العشاء لا يزال قائما حتى يصلّي الغداة بذلك الوضوء ، وداوم على ذلك نيفا وأربعين سنة. وحكى أبو نافع ابن بنت يزيد بن هارون قال : كنت عند أحمد بن حنبل ، وكان عنده رجل قال : رأيت يزيد بن هارون فقلت : يا أبا خالد ما فعل الله بك؟
قال : غفر لي وشفعني وعاتبني! فقلت له : فيم عاتبك؟ قال : قال لي يا يزيد أتحدث عن جرير بن عثمان؟ فقلت : يا ربّ ما علمت منه إلّا خيرا! فقال : إنّه كان يبغض أبا الحسن عليّ بن أبي طالب ، رضي الله عنه.
وحكى آخر قال : رأيت ابن هارون في المنام فقلت له : هل أتاك منكر ونكير؟ قال : إي والله! وسألاني : من ربّك وما دينك ومن نبيّك؟ فقلت : ألمثلي يقال هذا وأنا يزيد بن هارون اعلّم الناس هذا سبعين سنة؟ فقال : صدقت ، نم نومة العروس! توفي يزيد بن هارون بواسط سنة ستّ ومائتين عن سبع وثمانين سنة.
بذّ
كورة بين أرّان وآذربيجان ، كثيرة الضباب قلّما تصحو السماء بها ، منها كان مخرج بابك الخرّمي في أيّام المعتصم بالله. بها موقف رجل لا يقوم أحد فيه يدعو الله تعالى إلّا استجيب له. ومنها يتوقّعون خروج المهدي ، وذكر أن تحتها نهرا عظيما ، إن اغتسل فيه صاحب الحمّى العتيقة ذهبت حمّاه.