وبها زحمة وغلبة شديدة من كثرة الناس ، حتى لا فرق بين أسواقها ورستاقها على المارّين.
وأمّا البرد فإنّه شديد عندهم جدّا حتى ان الإنسان إذا أراد إكرام غيره يقول : بت عندنا فإن عندنا نارا طيّبة! وقد لطف الله تعالى بهم برخص الحطب ، يكون حمل عجلة بدرهمين. والغريب إذا خرج من بيته أوّل النهار مكشوف الوجه يضرب البرد وجهه فيسقط أنفه! وأمّا أهل المدينة فقد عرفوا ذلك فلا يخرجون إلّا مستوري الوجه.
ومن عجائبها زراعة البطيخ ، فإن المدينة تحيط بها رمال سائلة ثمانون فرسخا في ثمانين فرسخا ، شبه الرمال التي دون ديار مصر ، تنبت شوكا طويل الإبر يقال له بالعجميّة اشترغاز ، وهو الشوك الذي يقع عليه الترنجبين بأرض خراسان ، فإذا كان أوان زرع البطيخ يذهب أهل خوارزم إليها ، ويحجّر كلّ أحد قطعة من الأرض أيّ مقدار شاء لا ملك لأحد فيها ، ويشقّ أصول هذا الشوك وقضبانه ، ويدع فيها بزر البطيخ ويتركها ؛ فإن البزر ينبت فيها بنداوة الشوك ، ولا يحتاج أصحابها إلى السقي ولا إلى شيء من أعمال الزراعة. فإذا كان أوان البطيخ ذهبوا إليها ورأوا وجه الأرض ممتلئا من البطيخ الذي لا يوجد مثله في شيء من البلاد حلاوة وطيبا ، ويكون رخيصا جدّا لكثرته وقلّة مؤونته ، وقد يقدّد ويحمل إلى البلاد للهدايا.
جنبذق
قرية من أعمال المراغة ، بينها وبين قلعة روين دز فرسخ. بها بئر عجيبة يخرج منها حمام كثير ، فنصب على رأس البئر شبكة يقع فيها من الحمام ما شاء الله ، وهي بئر لا يدرى قعرها ؛ حكى بعض فقهاء المراغة أنّهم أرسلوا فيها رجلا ليعرف حال الحمام ، فنزل حتى زادت الحبال على خمسمائة ذراع ، ثمّ خرج فأخبر أنّه لم ير شيئا ، وأحسّ بهواء قويّ ، ورأى في آخرها ضوءا وشيئا كثيرا من الحيوانات الموتى.