كبير ، يقال إنّه يقابل البيت المقدس ، وعلى بيعة قمامة بالبيت المقدس صليب مثله ، قيل إن صانعهما واحد ، وبنى بيعة في وسط البلد على اسم بطرس وبولس ، وهي باقية إلى زماننا في المحلّة المعروفة بزقاق اليهود ، فيها جرن من رخام أسود فيه منطقة الزجاج ، فيها دم يوشع بن نون ، عليه السلام ، وهو شفاء من كلّ داء ، وإذا طلي به البرص أزاله ، قيل : ان مرّوثا جاء به من رومية الكبرى ، أعطاه إيّاه قسطنطين عند عوده.
هرقلة
مدينة عظيمة بالروم ، كرسي ملك القياصرة ، بناها هرقل أحد القياصرة.
غزاها الرشيد سنة إحدى وتسعين ومائة. نزل عليها يحاصرها ، فإذا رجل خرج من أهلها شاكي السلاح ونادى : يا معشر العرب ، ليخرج منكم العشرة والعشرون مبارزة! فلم يخرج إليه أحد لأنّهم انتظروا إذن الرشيد ، وكان الرشيد نائما ، فعاد الرومي إلى حصنه ، فلمّا أخبر الرشيد بذلك تأسّف ولام خدمه على تركهم إيقاظه.
فلمّا كان الغد خرج الفارس وأعاد القول فقال الرشيد : من له؟ فابتدر جلّة القوّاد ، وكان عند الرشيد مخلد بن الحسين وإبراهيم الفزاري ، قالا : يا أمير المؤمنين إن قوادك مشهورون بالبأس والنجدة ، ومن قتل منهم هذا العلج لم يكن فعلا كبيرا ، وإن قتله العلج كانت وصمة على العسكر كبيرة ، فإن رأى الأمير أن يأذن لنا حتى نختار له رجلا فعل. فاستصوب الرشيد ذلك ، فأشاروا إلى رجل يعرف بابن الجزري ، وكان من المتطوّعة ، معروف بالتجارب مشهور في الثغور بالنجدة ، فقال له الرشيد : أتخرج إليه؟ فقال : نعم ، وأستعين بالله عليه.
فأدناه الرشيد وودّعه واتبعه وخرج معه عشرون من المتطوّعة. فقال لهم العلج وهو يعدّهم واحدا واحدا : كان الشرط عشرين وقد ازددتم رجلا ، ولكن لا بأس! فنادوه : ليس يخرج إليك إلّا واحد. فلمّا فصل منهم ابن الجزري