بها جبل عروان يسكنه قبائل هذيل ، وليس بالحجاز موضع أبرد من هذا الجبل ، ولهذا اعتدال هواء الطائف. ويجمد الماء به وليس في جميع الحجاز موضع يجمد الماء به إلّا جبل عروان.
ويشقّ مدينة الطائف واد يجري بينها يشقّها ، وفيها مياه المدابغ التي يدبغ فيها الأديم ، والطير تصرع إذا مرّت بها من نتن رائحتها. وأديمها يحمل إلى سائر البلدان ، ليس في شيء من البلاد مثله.
وفي أكنافها من الكروم والنخيل والموز وسائر الفواكه ، ومن العنب العدي ما لا يوجد في شيء من البلاد ، وأمّا زبيبها فيضرب بحسنه المثل.
بها وجّ الطائف ، وإنّها واد نهى النبيّ ، صلّى الله عليه وسلّم ، عن أخذ صيدها واختلاء حشيشها.
بها حجر اللات تحت منارة مسجدها ، وهو صخرة كان في قديم الزمان يجلس عليه رجل يلتّ السويق للحجيج ، فلمّا مات قال عمرو بن لحيّ : إنّه لم يمت لكن دخل في هذه الصخرة! وأمر قومه بعبادة تلك الصخرة ، وكان في اللات والعزّى شيطانان يكلّمان الناس ، فاتّخذت ثقيف اللات طاغوتا وبنت لها بيتا وعظّمته وطافت به ، وهي صخرة بيضاء مربّعة ، فلمّا أسلمت ثقيف بعث رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، أبا سفيان بن حرب ومغيرة بن شعبة فهدماه ، والحجر اليوم تحت منارة مسجد الطائف.
وبها كرم الرهط ، كرم كان لعمرو بن العاص معروشا على ألف ألف خشبة ، شري كلّ خشبة درهم ، فلمّا حجّ سليمان بن عبد الملك أحبّ أن ينظر إليه ، فلمّا رآه قال : ما رأيت لأحد مثله لو لا أن هذه الحرة في وسطه! قالوا : ليس بحرّة بل مسطاح الزبيب. وكان زبيبه جمع في وسطه ليجفّ ، فرآه من بعيد فظنّه حرّة.
وبها سجن عارم ، وهو الحبس الذي حبس فيه عبد الله بن الزبير محمّد ابن الحنفية ، يزوره الناس ويتبرّكون به سيّما الشيعة ، سيّما الكيسانيّة ؛ قال