أنعى إليك بيانا تستبشر (١) له |
|
أقوال كلّ فصح مقول فهم |
أنعى إليك إشارات العقول معا |
|
لم يبق منهنّ إلّا دارس العلم (٢). |
أنعى ـ وحقّك ـ أحلاما (٣) لطائفة |
|
كانت مطاياهم من مكمد الكظم |
مضى الجميع ، فلا عين ولا أثر |
|
مضي عاد وفقدان الأولى إرم |
وخلفوا معشرا يجدون [لبستهم] (٤) |
|
أعمى من البهم بل أعمى من النّعم(٥) |
ثم سكت ، فقال خادمه أحمد بن فاتك : أوصني يا سيّدي.
فقال : هي نفسك إن لم تشغلها شغلتك (٦).
فلمّا أصبحنا أخرج من الحبس ، فرأيته يتبختر في قيده ويقول :
نديمي غير منسوب (٧).
الأبيات.
ثمّ حمل وقطّعت يداه ورجلاه ، بعد أن ضرب خمسمائة سوط ، ثم صلب ، فسمعته وهو على الجذع يناجي ويقول : إلهي ، أصبحت في دار الرّغائب انظر إلى العجائب ، إلهي إنّك تتودّد إلى من يؤذيك ، فكيف لا تتودّد إلى من لا يؤذى فيك (٨).
ثمّ رأيت أبا بكر الشّبليّ وقد تقدّم تحت الجذع ، وصاح بأعلى صوته يقول : أولم أنهك عن العالمين (٩).
ثمّ قال له : ما التّصوّف؟ قال : أهون مرقاة عندي (١٠) ما ترى.
__________________
(١) في السير : «تستسرّ» ، وفي تاريخ بغداد : «يستكين».
(٢) في الديوان : «الرحم» ، وفي تاريخ بغداد : «العدم».
(٣) في تاريخ بغداد : «وحبك أخلاقا».
(٤) في الأصل بياض ، والمستدرك من : سير أعلام النبلاء ١٤ / ٣٥٠ ، وفي تاريخ بغداد : يحذون.
(٥) الأبيات في ديوان الحلّاج ٢٤ ، ٢٥ ، وتاريخ بغداد ٨ / ١٣٠.
(٦) تاريخ بغداد ٨ / ١٣١.
(٧) تقدّمت الأبيات قبل قليل ، ومطلعها هناك : «حبيبي» بدل «نديمي».
(٨) تاريخ بغداد ٨ / ١٣١.
(٩) تاريخ بغداد ٨ / ١٢١.
(١٠) في سير أعلام النبلاء ١٤ / ٣٥٠ : «أهون مرقاة فيه ما ترى».