قال : فما أعلاه؟ قال : ليس لك إليه سبيل ، ولكن سترى غدا ما يجري ، فإنّ في الغيب ما شهدته وغاب عنك.
فلمّا كان بالعشيّ جاء الإذن من الخليفة بأن تضرب رقبته ، فقالوا : قد أمسينا ويؤخّر إلى الغداة. فلمّا أصبحنا أنزل وقدّم لتضرب رقبته ، فسمعته يصيح ويقول بأعلى صوته : حسب الواحد إفراد الواحد له (١). وقرأ هذه الآية :
(يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُ) (٢). وهذا آخر كلامه.
ثم ضربت رقبته ، وعلّق في باريّة (٣) ، وصبّ عليه النّفط وأحرق ، وحمل رماده إلى رأس المنارة لتسفيه الرّياح (٤).
وسمعت أحمد بن فاتك تلميذ والدي يقول بعد ثلاث من قتل والدي ، قال : رأيت ربّ العزّة في المنام ، وكأنّي واقف بين يديه قلت : يا ربّ ما فعل الحسين بن منصور؟
قال : كاشفته بمعنى ، فدعا الخلق إلى نفسه ، أنزلت به ما رأيت (٥).
قال ابن باكويه : سمعت أبا القاسم يوسف بن يعقوب النّعماني يقول : سمعت الإمام ابن الإمام أبا بكر محمد بن داود الفقيه الأصبهانيّ يقول : إن كان ما أنزل الله على نيّته حقّ فما يقول الحلّاج باطل. وكان شديدا عليه (٦).
قال : وسمعت أبا الفوارس الجوزقانيّ بقرميسين : سمعت إبراهيم بن شيبان يقول : من أحبّ أن ينظر إلى ثمرات الدّعاوي فلينظر إلى الحلّاج وما جرى عليه (٧).
__________________
(١) تاريخ بغداد ٨ / ١٣٢.
(٢) سورة الشورى ، الآية ١٨.
(٣) الباريّة : الحصيرة المنسوجة.
(٤) انظر : تاريخ بغداد ٨ / ١٤٠.
(٥) تاريخ بغداد ٨ / ١٣٢.
(٦) تاريخ بغداد ٨ / ١٢٩.
(٧) تاريخ بغداد ٨ / ١٢٠.