سمعت عيسى القزوينيّ سأل أبا عبد الله بن خفيف : ما تعتقدون في الحلّاج؟
فقال : اعتقد فيه أنّه رجل من المسلمين فقط.
فقال له : قد كفّره المشايخ وأكثر المسلمين! فقال : إن كان الّذي رأيته منه في الحبس لم يكن توحيدا ، فليس في الدّنيا توحيد.
قلت : قول ابن خفيف لا يدلّ على شيء ، فإنّه لا يلزم أنّ المبطل لا يعمل بالحقّ ، بل قد يكون سائر عمله حقّ وعلى الحقّ ، ويكفر بفعلة واحدة ، أو بكلمة تحبط عمله.
قال ابن باكويه : سمعت عليّ بن الحسن الفارسيّ بالموصل قال :
سمعت أبا بكر بن [أبي] سعدان يقول : قال لي الحسين بن منصور : تؤمن بي ، حتّى أبعث إليك بعصفورة تطرح من ذرقها وزن حبّة على كذا منّا من نحاس ، فيصير ذهبا؟
قلت : بل أنت تؤمن بي حتّى أبعث إليك بفيل يستلقي ، فتصير قوائمه في السّماء ، فإذا أردت أن تخفيه أخفيته في عينك؟
قال : فبهت وسكت (١).
ثم قال ابن [أبي] سعدان : هو مموّه مشعوذ (٢). سمعت عيسى بن بزول القزوينيّ ، وسأل أبا عبد الله هذه الأبيات :
سبحان من أظهر ناسوته (٣).
الأبيات الثّلاثة ، فقال ابن خفيف : على قائلها لعنة الله. فقال عيسى : هي للحلّاج. فقال : إن كانت اعتقاده فهو كافر ، إلّا أنّه لم يصح أنّه له ، ربّما يكون مقولا عليه (٤).
__________________
(١) تاريخ بغداد ٨ / ١٢٦.
(٢) تاريخ بغداد ٨ / ١٢١.
(٣) تقدّمت الأبيات.
(٤) تاريخ بغداد ٨ / ١٢٩.