سمعت محمد بن عليّ الحضرميّ بالنّيل يقول : سمعت والدي يقول :
كنت جالسا عند الجنيد ، إذ ورد شابّ حسن الوجه ، عليه خرقتان ، فسلّم وجلس ساعة ، ثمّ أقبل عليه الجنيد فقال : سل ما تريد.
فقال : ما الّذي بائن الخليفة عن رسوم الطّبع؟
فقال الجنيد : أرى في كلامك فضولا ، لم لا تسأل عمّا في ضميرك من الخروج والتّقدّم على أبناء جنسك؟
فسكت ، وسكت الجنيد ساعة ، ثمّ أشار إلى أبي محمد الجريريّ أن قم ، فقمنا ، وتأخّرنا قليلا ، فأقبل الجنيد يتكلّم عليه ، وأقبل هو يعارضه ، إلى أن قال :
أيّ خشبة تفسد؟
فبكى وقام ، فتبعه الجريريّ إلى أن خرج إلى مقبرة وجلس ، فقال لي أبو محمد الجريريّ : قلت في نفسي : هو في حدّة شبابه واستوحش منّا ، وربّما به فاقة. فقصدت صديقا لي فقلت : اشتر خبزا وشواء وفالوذج بسكّر ، واحمله إلى موضع كذا وكذا ، مع ثلجيّة ماء وخلال ، وقليل أشنان. وبادرت إليه ، فسلّمت وجلست عنده ، وكان قد جعل رأسه بين ركبتيه ، فرفع رأسه وانزعج ، وجلس بين يديّ ، وأخذت ألاطفه وأداريه إلى أن جاء صديقي. ثمّ قلت له : تفضّل.
فمدّ يده وأكل قليلا.
ثمّ قلت له : من أين القصد ومن أين القصر؟
قال : من البيضاء ، إلّا أنّي ربّيت بخوزستان والبصرة.
فقلت : ما الاسم؟
قال : الحسين بن منصور.
وقمت وودّعته ، ومضى على هذا خمس وأربعون سنة ، ثمّ سمعت أنّه صلب وفعل به ما فعل.
وقد ذكره السّلميّ في تاريخه ، ثمّ قال : فهذه أطراف ممّا قال المشايخ فيه من قبول وردّ ، والله أعلم بما كان عليه. وهو إلى الرّدّ أقرب.
وقد هتك الخطيب حال الحلّاج في «تاريخه الكبير» ، وشفي وأوضح أنّه