الخادم ينطوي على إسلام ، قلم ير أبا سعيد يصلّي صلاة ، ولا صام شهر رمضان. فأبغضه وأضمر قتله ، فخلّاه وقد دخل حمّاما في الدّار ووثب عليه بخنجر فذبحه ، ثمّ خرج ودعا بعض قوّاد أبي سعيد فقال له : كلّم أبا سعيد. فلمّا حصل ذبحه. ثمّ استدعى آخر ، ففعل به كذلك حتّى فعل ذلك بجماعة من الكبار ، وكان شجاعا قويّا جلدا.
ثمّ استدعى في الآخر رجلا ، فدخل في أوّل الحمّام ، فإذا الدّماء تجري ، فأدبر مسرعا وصاح ، فتجمّع النّاس. وقد مرّ ذلك في سنة إحدى وثلاثمائة.
وأخذ سعيد ذلك الخادم ، فقرض لحمه بالمقاريض إلى أن مات. فلمّا كان في سنة خمس وثلاثمائة سلّم سعيد الأمر إلى أخيه أبي طاهر ، فاستجاب لأبي طاهر خلق وافتتنوا به ، بسبب أنّه دلّهم على كنوز كان والده أطلعه عليها وحده ، فوقع لهم أنّه علم غيب ، وتخيّر موضعا من الصّحراء وقال : أريد أن أحفر هاهنا عينا. فقيل له : هنا لا ينبع ماء. فخالفهم وحفر فنبع الماء فازدادت فتنتهم به.
ثمّ استباح البصرة ، وأخذ الحجيج ، وفعل العظائم ، وأرعب الخلائق وكثرت جموعه ، وتزلزل له الخليفة.
وزعم بعض أصحابه به أنّه إله (١) المسيح ، ومنهم من قال هو نبيّ. وقيل هو المهديّ ، وقيل : هو الممهّد للمهديّ.
وقد هزم جيش الخليفة المقتدي غير مرّة ، ثمّ إنّه قصد بغداد ليأخذها فدفع الله شرّه.
وقد قتل بحرم الله تعالى مقتلة عظيمة لم يتمّ مثلها قطّ في الحرم. وأخذ الحجر الأسود. ثمّ لم يمهله الله بعد ذلك. فلمّا أشفى على التّلف سلّم ملكه إلى أبي الفضل بن زكريّا المجوسيّ العجميّ.
قال محمد بن عليّ بن رزام الكوفيّ : قال لي ابن حمدان الطّبيب : أقمت بالقطيف أعالج مريضا فقال لي رجل : انظر ما يقول النّاس. يقولون إنّ ربّهم قد ظهر.
__________________
(١) في الأصل : «إلاه».