[دخول ابن بويه بغداد ومبايعته الخليفة]
وفيها قصد معزّ الدّولة أحمد بن بويه بغداد ، فلمّا نزل باجسرى (١) استتر المستكفي وابن شيرزاد ، وتسلّل الأتراك إلى الموصل ، وبقي الدّيلم ببغداد ، وظهر الخليفة. فنزل معزّ الدّولة بباب الشماسيّة ، وبعث إليه الخليفة الإقامات والتّحف. فبعث معزّ الدّولة يسأله في ابن شيرزاد ، وأن يأذن له في استكتابه.
ودخل في جمادى الأولى دار الخلافة ، فوقف بين يدي الخليفة ، وأخذت عليه البيعة بمحضر الأعيان. ثمّ خلع الخليفة عليه ، ولقّبه «معزّ الدولة» (٢) ، ولقّب أخاه عليّا «عماد الدّولة» وأخاهما الحسن «ركن الدّولة». وضربت ألقابهم على السّكّة (٣).
ثمّ ظهر ابن شيرزاد واجتمع بمعزّ الدّولة ، وقرّر معه أشياء منها : كلّ يوم برسم النّفقة للخليفة خمسة آلاف درهم فقط (٤).
[عناية ابن بويه بالشباب]
وهو أوّل من ملك العراق من الدّيلم. وهو أوّل من أظهر السّعاة ببغداد ليجعلهم فيوجا بينه وبين أخيه ركن الدّولة إلى الرّيّ. وكان له ركائبيّان : فضل ، ومرعوش ، فكان كلّ واحد يمشي في اليوم ستّة وثلاثين فرسخا ، فغرى بذلك شباب بغداد وانهمكوا فيه. وكان يحضر المصارعين بين يديه في الميدان ويأذن للعوامّ ، فمن غلب خلع عليه. وشرع في تعليم السّباحة ، حتّى صار السّبّاح يسبح وعلى يده كانون فوقه قدره ، فيسبح حتّى ينضج اللّحم (٥).
__________________
(١) باجسرى : بكسر الجيم وسكون السين ، وراء ، والقصر : بلدة في شرقيّ بغداد ، بينها وبين حلوان ، على عشرة فراسخ من بغداد. (معجم البلدان ١ / ٣١٣).
وفي الأصل : «باجسراي».
(٢) الإنباء في تاريخ الخلفاء ١٧٦.
(٣) تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٤٨ ، تجارب الأمم ٢ / ٨٤ ، ٨٥ ، العيون والحدائق ج ٤ ق ٢ / ١٦٧ ، تاريخ الأنطاكي ٥٢ ، ٥٣ ، المنتظم ٦ / ٣٤٠ ، الكامل في التاريخ ٨ / ٤٤٩ ، ٤٥٠ ، البداية والنهاية ١١ / ٢١٢ ، النجوم الزاهرة ٢ / ٢٨٤ ، ٢٨٥.
(٤) في تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٤٨ «وقرر المستكفي في كل يوم خمسين ألف درهم لنفقته» ، والمثبت يتفق مع : الكامل في التاريخ ٨ / ٤٥٠.
(٥) المنتظم ٦ / ٣٤١ ، البداية والنهاية ١١ / ٢١٣ ، النجوم الزاهرة ٣ / ٢٨٥.