الأوّل : أن الباقي لو افتقر فإما في وجوده الاوّل أو في وجود ثان أو في أمر آخر ، والكل باطل ، امّا الأول فلأنه يستحيل أن يكون الشيء في ثاني الحال مفتقرا الى الوجود السابق لأنه يكون تحصيلا للحاصل ، وامّا الثاني فلاستحالة اتصاف الماهية بالوجود مرتين ، وأمّا الثالث فليس كلامنا فيه لأن كلامنا في احتياج الشيء لأجل وجوده لا لأجل ماهيته.
الثاني : أن الباقي بعد اتصافه بالوجود يكون الوجود به أرجح ، فيخرج من حدّ التساوي الصرف المحوج الى المؤثّر.
والجواب عن الأوّل : أن الباقي مفتقر الى المؤثّر في استمرار الوجود وحفظه حالة بقائه ، فإن الممكن لا يستحق من ذاته الوجود ، فاذا وجد فقد ترجّح الوجود لمرجح ، فإذا فرض زوال المرجح زال الرّجحان ومع زواله يبقى الذات على مقتضاها من الجواز.
وعن الثاني : أن الماهية وان ترجح وجودها في الزمن الاوّل بسبب الفاعل لكنّه لا يخرج الذات عن مقتضاها وهو التساوي في الزمن المستقبل والّا لوجب ان يكون الذوات باقية ابدا لان الذات مقتضية للرجحان في الزمن الأوّل ، فلو كان هذا كافيا في استمرارها لما جاز العدم عليها.
__________________
الى العلة فهل هو كذلك في بقائه ودوامه أيضا؟ قال المتكلمون : لا ، وقال الحكماء : هو كذلك.