تتحكّم فيهم الأهواء ، انطلاقاً من الأنانية ، تؤثّر فيهم المطامع الدنيوية والمصالح الشخصية ، وهوىٰ النفس .
أمّا عندما يكون الحديث عن سياسة وسلوك رجل مثل الإمام الحسين عليهالسلام ، الذي عصمه الله تعالىٰ من كلّ خطأ وزلل ، بنصوص قرآنية وأحاديث نبويّة شريفة لا تكاد تخفىٰ علىٰ ذوي العقول النيّرة والضمائر الحيّة البعيدة عن التعصّب الجاهلي ، فالأمر يكون مختلفاً تماماً .
فالإمام الحسين عليهالسلام ليست السلطة مبتغاه ، ولا الحكم غاية مناه ، فهو كالكعبة يؤتىٰ ولا يأتي ، وأفعاله لا تكون انعكاساً لنزواته وشهواته الدنيوية وأهوائه ، أو طبقاً لدوافع عاطفية أو عشائرية ناتجة عن خلاف بينه وبين بني أُميّة ، أو غيرهم ؛ فإنّ كلّ هذه الأُمور لا تعني عند الإمام الحسين عليهالسلام شيئاً ، وإنّ ما يعنيه هو :
١ ـ موقفه الشرعي من بني أُميّة الّذين تسلّقوا إلىٰ قمّة السلطة ، وتربّعوا علىٰ كرسي الحكم ، وٱتّخذوا عباد الله خولاً ، ومال الله دولاً ، دون أن يكونوا أهلاً لقيادة هذه الأُمّة .
أضف إلىٰ ذلك علمه سلام الله عليه بمدىٰ أثر هذا الأمر علىٰ جدّه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، الذي لم يُرَ مبتسماً بعد أن أراه الله عزّ وجلّ نَزوَ بني أُميّة علىٰ منبره نَزوَ القردة (١) .
٢ ـ خوفه علىٰ مستقبل الإسلام وشريعة جدّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، هذه الشريعة التي أصبحت عرضةً للتحريف والتزييف من قبل حكّام الجور والظلم ،
__________________
(١) ٱنظر تفسير قوله تعالىٰ : ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) ، سورة الإسراء ١٧ : ٦٠ ، في تفاسير الفريقين .