ولا سيّما بني أُميّة ، هذه الشريعة التي ضحّىٰ من أجل تثبيت دعائمها جدّه وأبوه وأخوه ، روحي وأرواح العالمين لهم الفداء ، فقد قال عليهالسلام في وصيّته لأخيه محمّـد بن الحنفيّـة حين أراد الخروج من المدينة :
« . . . وأنّـي لـم أخـرج أشـراً ولا بـطـراً ، ولا مـفـسـداً ولا ظالماً ، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أُريد أن آمر بالمعروف وأنهىٰ عن المنكر ، وأسـير بسيرة جدّي وأبي عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، فمَن قبلني بقبول الحقّ فالله أَوْلىٰ بالحقّ ، ومَن ردَّ علَيَّ هذا أصبر حتّىٰ يقضي الله بيني وبين القوم وهو خير الحاكمين » (١) .
ومن هنا ، فإنّ سـياسـة الإمام عليهالسلام كانت مدروسـة بدقّة ، وخطواته كانت بأوامر إلٰهيّة ، فهو ممّن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، إذ قال سـلام الله عليه ، عندما حـاول بعضهـم أن يثنيه عن المسـير ـ وذلك لقصـور أفكارهم وعدم إدراكهم مقاصده السـامية ـ أو الخروج والمسـير دون أخذ العيال والنسـاء معه ، قال : « إنّ الله شـاء ذلك ، وجدّي أمرني به » ، وقال عليهالسلام مبرّراً لأخذه العيال معه : « إنّ الله شـاء أن يراهنّ سـبايا » .
فتشـكيك المشـكّكين بسـياسـة الإمام عليهالسلام ما هو إلّا وجهات نظر ضـيّقة لا تتعدّىٰ كونها من أشـخاص ينظرون إلىٰ الإمام عليهالسلام كنظرتهم لأيّ قائد عسكري فاشل ، لم يحسب لمعركته مع يزيد بن معاوية الحسابات الدقيقة والصحيحة ، دون النظر إلىٰ عصمته ومنزلته ومكانته الإلٰهيّـة .
أو مـن أشـخاص يحاولـون تبرير ما قـام به حكّـام بني أُميّـة من تدمير للمبادئ وللقيم السـماوية ومكـارم الأخـلاق التي بُعِثَ النبيّ
__________________
(١) بحار الأنوار ٤٤ / ٣٢٩ ـ ٣٣٠ .