منها ما ظهر باسـم الحقّ والواجب الديني ، وهي التي تقع بين منتحلي الأديان والفرق وأصحاب الحقوق والسـيادة ، وهي محلّ البحث ومجال النظر .
ومنها ما ظهر بمظهر حربي سـياسـي صرف ، وهي الحروب السـياسـية التي تقع بين الأُمم .
وبما أنّ واقعة الطفّ واقعة مذهبية داخلية ظهرت باسـم الحقّ والواجب الديني ، لا يمكن الغور في البحث عنها إلّا بعد أن نبيّن ذاتية الحسـين عليهالسلام من الجهة الدينية عندنا ، ونجعلها مقياس البحث .
فالمعتقد فيها أنّها ذاتٌ مقدّسـةٌ لا يعتبر بها الخطأ والزلل ، تَعْلَمُ بالمغيّبات قبل وقوعها بإذن الله ، وهذا الاعتقاد هو داعي البحث ومجلس الشـك .
فالحسـين عليهالسلام كما كان عالماً بقتله في خروجه ، كذلك كان عالماً بقتله في بقائه ؛ إذ من المعلوم ما للأُمويّين من الضغائن والأحقاد القديمة علىٰ بني هاشـم ، فهم يتطلّبون أدنىٰ حجّـة وفرصة للفتك بهم .
فيزيد (١) الجائر لمّا رأىٰ ما للعلويّين من التعصّب والتصلّب عليه ،
__________________
(١) هو يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ، وُلد سنة ٢٢ وقيل سنة ٢٧ هجرية ، ثاني ملوك الدولة الأُموية ، ترعرع في تدمر فنشأ نشأة بدوية ، وكان دائم الشغل بالصيد والعبث واللهو والشراب ، يدخل المغنّين إلىٰ قصر معاوية « الخضراء » في جوف الليل مع علم معاوية .
أُمّه : ميسون بنت بحدل بن حنيف الكلبية ، و « كلب » قبيلة كانت نصرانية ، أسلمت بعد الفتح الإسلامي للشام .
كان يزيد أوّل من سنّ الملاهي في الإسلام ، وآوىٰ المغنّين ،
وأظهر الفسق وشرب الخمر ، وكان ينادم عليها جون ـ مولاه ـ والأخطل الشاعر ، وظهر الغناء
=