عن حدّ وقوعها بين سـموّ مبادئ الحسـين وبين انحطاط مبادئ يزيد .
وقد أدرك ولـدكم ـ حـرسـه الله ـ في جـوابـه علىٰ كـتاب الشـيخ عبـد المهدي شـيئاً من هذا ؛ إذ قال : إنّ الذي عرّض الحسـين للقتل هو تمنّعه عن المبايعة ليزيد ، وفي عدم القيام بهذه المبايعة يتعرّض الحسـين لأن يقتل بسـيوف الأُمويّين ، حتّىٰ ولو كان في عقـر داره دون أن يضطـرّ إلىٰ الخروج لمحاربة يزيد وأتباعه ، وأن يعرّض نسـاءه وأطفاله للهتك الذي هو صورة القبح عند طبقـات الأشـراف الّذين منهم الحسـين ، كما زعم غير واحد في افترائه علىٰ الحسـين وعائلة الحسـين .
إنّ هذا الافتراض ممكن الوقوع أكـثر من غيره ، ومبايعة الحسـن لمعاوية التي ظلّت أسـبابها مغمضـة في بحثكم (١) ، هي التي أجّلت وقوع الحرب الأُموية إلىٰ ما بعد وفاة معاوية ، ويظهر أنّ الحسـن بتعهّده لمعاوية أنّه لا يرىٰ من الحسـين شـيئاً ـ كما جاء برسـالة سـماحتكم ـ وقف وقفة المشـفق الذي لا يريد أن يُفجَع بأخيه وهو حيّ ، أراد بمبايعته أن يحجب دماء الأبرياء التي أباحها يزيد في تعنّته وطغيه وفسـاده وٱعتدائه علىٰ أخيه الحسـين .
ولكنّ السـياسـة لعبت دورها يومذاك ؛ إذ مات معاوية الذي كان عنده مخافة من الله أكـثر من ولده يزيد (٢) ، وإذا توفّي الحسـن ـ الذي يعدّ بحقّ
__________________
(١) للاطّلاع علىٰ تفاصيل صلح الإمام الحسن عليهالسلام مع معاوية ، والظروف التي أحاطت بالإمام عليهالسلام وٱضطرته إلىٰ هذا الصلح ، راجع كتاب « صلح الحسن » للشيخ راضي آل ياسـين قدسسره، ففيه بيان ما كان بين الإمام وٱبن أبي سفيان .
(٢) ليس عنده ولا عند ولده يزيد شـيء من مخافة الله ، ولكنّ معاوية عنده سـياسـة وتدبّر دنيوي ويزيد ليس عنده دين ولا سـياسـة . كاشف الغطاء .