نبراس السـياسـة الهاشـمية المؤدّية إلىٰ إعمال السـلام القومي ـ الذي وقف حائلاً في حياته دون وقوع حرب طاحنة كالحرب الأُموي ، فيما لو ضمّ صوته إلىٰ صوت أخيه الحسـين في زمن معاوية ، الذي تعود مبايعته لهذا السـبب الوفاقي ـ علىٰ ما أظنّ ـ لا لأسـباب الخوف والوجل الذي عزاه كـثير من ضعفاء العقول والنوايا (١) السـيّئة للحسـن .
أمّا قضيّة العادة العربيّـة التي قلتم ـ سـماحتكم ـ : إنّها دفعت بالحسـين أن يصحب أولاده ونسـاءه معه مسـتميتاً في سـبيل الكرامة والشـرف ؛ فهذه تخضع ـ علىٰ خروجها عن قلم سـماحتكم ـ لضروب النقد والاعتراض ؛ إذ كان الدين الإسـلامي ، أو التعاليم الإسـلامية ـ بتعبير أصحّ ـ حرمت المرأة من مخالطة الرجال وسـماع أحاديثهم إلّا من وراء الحجاب ، وأرجعتها إلىٰ بيتها حيث تقوم بتربية وتهذيب أولادها وتدبير شـؤون منزلها ، الذي يعدّ نصف الحياة الزوجية ـ إذا لم تكن كلّها ـ في نظر قانون الزواج المدني والديني ، فكيف بالحسـين خرق حجاب هذا النظام وأصحب عائلته وتابعيه معه جرياً علىٰ العادة العربية المعروفة قبل ظهور الإسـلام وبعده ؟ !
وتعلمون أنّ العادة التقليدية غير حكم الدين التشـريعي ، فحكم الدين أسـمىٰ مكانة في نفس الحسـين من عاطفة العادة ، فهل هناك ضرورة حيويّة دفعت بالحسـين أن لا يكـترث بتعاليم الدين ، ويتّبع ما أوحته عاطفة العادة التي تعدّ ملغاة بحكم هذه التعاليـم ؟ !
__________________
(١) النيّة : عمل القلب ، وهي مؤنّثة لا غير ، وتُجمع جمع مؤنّث سالم ؛ لذا يكون جمعها بـ « النيّات » لا « النوايا » التي هي خطأ شائع .
ٱنظر : لسان العرب ١٤ / ٣٤٢ مادّة « نوي » .