وهذه حال جميع من قتل في سـبيل الله ، الّذين يقول الله جلّ شـأنه عنهم : ( وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ ) (١) ، مثل : حمزة ، وجعفر ، وعبيدة بن الحارث ، وسـعد بن الربيع (٢) ، وأمثالهم ، ممّن بذلوا حياتهم في الدنيا لحياة الدين ، فوجدوا خيراً من تلك الحياة عند الله تعالىٰ ؛ فهم عند الله أحيـاء غير أمـوات وإن كانـوا بالنظر إلىٰ الدنيـا أمواتـاً غير أحياء .
ولا يلزم من هذا أن يكون الدين الإسـلامي صـورة مادّية يملكها فرد من البشر كما تخيّلت .
ضرورة أنّ الدين هو عبارة عن تلك الأحكام والقوانين التي جاء بها الرسـول الأمين من ربّ العالمين ، وحياتها وموتها بالعمل بها وعدم العمل بها .
ولمّا سـلك يزيد في خلافته مسـلكاً يوجب إبطال العمل بشـرائع الإسـلام ، حيث صار يجاهر بشـرب الخمور وٱرتكاب الفجور وترك الصوم والصلاة ، والناس يتّبعونه طبعاً ؛ لأنّ « الناس علىٰ دين ملوكهم » كما قيل (٣) ، وكأنّه بهذا يريد القضاء علىٰ الإسـلام وموته ؛ لذلك ضَحّىٰ الحسـين عليهالسلام بحياته وحياة خيرة أهل بيته وأصحابه ، إنكاراً علىٰ يزيد ، وإبطالاً لمسـاعيه ، وإحياءً للدين ، ولحمل الناس علىٰ العمل بشـرائعه ، كما
__________________
(١) سـورة آل عمران ٣ : ١٦٩ .
(٢) سـعد بن الربيع الخزرجي ، أحد نقباء الأنصار من شـهداء أُحد ؛ ٱنظر ترجمته في تنقيح المقال ج ٢ ص ١٣ ط النجف . القاضي الطباطبائي .
(٣) ٱنظر : فتح الباري ٧ / ١١٤ ، تذكرة الموضوعات ـ للفتني ـ : ١٨٣ ، وصول الأخيار إلىٰ أُصول الأخبار : ٣٠ ، كشف الغمّة ٢ / ٢٣٠ ، سـير أعلام النبلاء ١٧ / ٥٠٧ رقم ٣٢٨ .