المرقّـعة والمآكل الخشـنة !
وٱسـمح لي ـ يا نور عيني ـ أن أقول لك : إنّ أكـثر الناس لا يعرفون من حقيقة الزهد شـيئاً ، والموكب العظيم الذي سـار فيه الحسـين عليهالسلام من الحجاز إلىٰ العراق ، وسـقىٰ في قفر الأرض بِحَرّ الهجير ألف فارس وألف فرس (١) أعظم من قضية الثياب الخمسـة .
أمّا زيد بن أرقم وقوله : « إرفع عودك عن هاتين . . . » إلىٰ آخـره . .
فلعلّ تقبيل رسـول الله شـفتَي الحسـين عليهالسلام من جهة أنّه تعالىٰ أعلمه أنّهما موضع ضرب يزيد وٱبن زياد الّذين قرعوا ثغر الحسـين عليهالسلام بالخيزرانة (٢) .
وأمّا حديث : « نحن أسـرار الله المودعة . . . » إلىٰ آخره . .
فحيث إنّه من الأسـرار التي لا يليق إفشـاؤها (٣) ، مضافاً إلىٰ ضيق
__________________
(١) إشـارة إلىٰ قضية الحـرّ رحمهالله ولقائه مع سـيّد الشـهداء عليهالسلام ، ومنعه الإمام عليهالسلام من الدخول إلىٰ الكوفة ، مذكورة في كـتب التاريخ والمقاتل ، لا حاجة إلىٰ ذكرهـا ، ومن شـاء أن يطّلع فعليه بالمراجعة إلىٰ مظانّها . القاضي الطباطبائي .
(٢) نقل العلّامة الزمخشـري قضية زيد بن أرقم مع ابن زياد بهذه الصورة ، قال في « الفائق » ما هذا لفظه : ابن زياد لعنه الله ـ دخل عليه زيد بن أرقم وبين يديه رأس الحسـين ـ عليه وعلىٰ أبيه وجدّه وأُمّه وجدّته من الصلوات أذكاها ، ومن التحيّات أنماها ـ وهو ينكـته بقضـيب معه ، فغشـي عليه ، فلمّا أفاق قال له : ما لك يا شـيخ ؟ ! قال : رأيتك تضرب شـفتين طالما رأيت رسـول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقبّلهما ؛ فقال ابن زياد لعنه الله : أخرجوه ! فلمّا قام ليخرج قال : إنّ محمّـديكم هذا لدحداح .
ٱنظـر : الفائـق ج ٣ ص ٣٢٩ ط مصر ١٣٦٤ هـ [ ١ / ٤١٩ مادّة « دحح » ] . القاضي الطباطبائي .
وراجـع أيضاً : ما تقدّم من المصادر في ص ٣٤٤ هـ ١ .
(٣) أقـول : لقد ورد عن الأئمّـة عليهمالسلام ما يؤكّـد علىٰ كتمان أسـرارهم وعدم إذاعـة
=