فاستقبله أهل المدينة ، فنظر فإذا الّذين استقبلوه من قريش أكثر من الأنصار ، فسأل عن ذلك فقالوا : إنّهم احتاجوا ليس لهم دواب ، قال : فأين نواضحهم قال قيس بن سعد بن عبادة وكان سيّد الأنصار وابن سيّدهم : أفنوها يوم بدر وأحد وما بعدهما من مشاهد رسول الله صلىاللهعليهوآله حين ضربوا أباك على الإسلام حتّى ظهر أمر الله وأنتم كارهون يا معاوية ما تعيرنا بنواضحنا ، أما والله لقد لقيناكم عليها يوم بدر وأنتم جاهدون على إطفاء نور الله وأن تكون كلمة الشيطان هي العليا ، ثمّ دخلت أنت وأبوك في الدّين كرها كما ضربناكم عليه ، فقال معاوية : كأنّك تمن علينا بنصرتكم إيّانا فلله ولقريش بذلك المنّ والطول إذ جعلكم أنصارنا وأتباعنا فهداكم الله قال قيس : إنّ الله بعث محمّدا رحمة للعالمين إلى الناس كافّة إلى الانس والجنّ والأحمر والأسود واختاره لنبوته واختصه برسالته ، فكان أوّل من صدّق به وآمن به عليّ بن أبي طالب عليهالسلام يذبّ عنه ويمنع منه ويحول بين كفّار قريش وبين أن يردعوه ويؤذوه ، وأمره بتبليغ رسالات ربّه ، فلم يزل ممنوعا من الضّيم والاذى حتّى مات عمّه ، وأمر ابنه عليّ بن أبي طالب بمؤازرته ونصرته فآزره عليّ ونصره وجعل نفسه دونه في كلّ شديدة وكلّ ضيق وكلّ خوف ، فاختصّ بذلك عليّ من بين قريش وأكرمه بين جميع العرب والعجم ، فجمع رسول الله صلىاللهعليهوآله جميع بني عبد المطلّب وهم يومئذ أربعون رجلا ، فدعاهم رسول الله صلىاللهعليهوآله وخادمهم منهم يومئذ عليّ بن أبي طالب ، ورسوله يومئذ في حجر عمّه أبي طالب فقال : أيّكم يكون أخي ووزيري ووصيّي وخليفتي في أمّتي وولي كلّ مؤمن بعدي ، فسكت القوم حتّى أعادها ثلاث مرّات ، فقال عليّ عليهالسلام : أنا يا رسول الله ، فوضع رسول الله يده على رأس عليّ عليهالسلام فوضع رأسه في حجره ثمّ تفل في فيه فقال : اللهمّ املأ جوفه حكما وعلما وفهما.
فقال أبو لهب : يا أبا طالب اسمع الآن وأطع لابنك عليّ إذ جعله الله من نبيّه بمنزلة هارون من موسى ، وآخى بين الناس وآخى بينه وبين نفسه ، ولم يدع قيس بن سعد شيئا من مناقبه إلّا ذكرها وأحتجّ بها ، ومنهم أهل البيت جعفر بن أبي طالب الطيّار في الجنّة بجناحين اختصّه الله بذلك من بين الناس ، ومنهم حمزة سيّد الشّهداء ، ومنهم سيّدة نساء أهل الجنّة الطّاهرة المطهّرة الطيّبة المباركة ، فنحن في الله خير منكم يا معشر قريش وأحبّ إلى الله والى رسوله وأهل بيته منكم لقد قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله فاجتمعت الأنصار إلى أبي بكر فقالوا : نبايع سعدا ، فجاءت قريش بحجة عليّ عليهالسلام وأهل بيته وخاصمونا بحقّه وقرابته فما يعدوا قريش أن يكونوا ظلموا الأنصار أو ظلموا آل محمّد ، ولعمري ما لأحد من الأنصار ولا من قريش ولا من العرب ولا من العجم في الخلافة حق ولا نصيب مع عليّ بن أبي طالب وولده من بعده عليهمالسلام ، فغضب معاوية وقال : يا ابن سعد عن من أخذت