له موسى : هل أتبعك على أن تعلمن مما علّمت رشدا؟ فعلم العالم أنّ موسى لا يطيق بصحبته ولا يصبر على علمه فقال له : إنّك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا ، فقال له موسى : ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا ، فعلم العالم أنّ موسى عليهالسلام لا يصبر على علمه فقال : فإنّ اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتّى أحدث لك منه ذكرا ، قال : فركبا السّفينة فخرقها العالم فكان خرقها لله عزوجل رضى وسخط لموسى ، ولقي الغلام فقتله وكان قتله لله عزوجل رضا وسخط لذلك موسى، وأقام الجدار وكان أقامته لله عزوجل رضا وسخط موسى لذلك ، كذلك كان عليّ بن أبي طالب عليهالسلام لا يقتل إلّا من كان قتله لله رضا ولأهل الجهالة من الناس سخط ، أجلس حتّى أخبرك أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله تزوّج زينب بنت جحش فأولم وكانت وليمته الحيس كان يدعو عشرة عشرة فكانوا إذا أصابوا طعام رسول الله صلىاللهعليهوآله استأنسوا إلى حديثه واستغنموا النّظر إلى وجهه ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يشتهي أن يخففوا عنه فيخلو له المنزل لأنّه حديث عهد بعرس وكان يكره أذى المؤمنين له ، فأنزل الله عزوجل (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِ) ، فلمّا نزلت هذه الآية كان الناس إذا أصابوا طعام نبيّهم لم يلبثوا أن يخرجوا.
قال : فلبث رسول الله صلىاللهعليهوآله سبعة أيّام ولياليهن عند زينب بنت جحش ، ثمّ تحول إلى بيت أم سلمة بنت أبي أميّة وكان ليلتها وصبيحة يومها فلمّا تعالى النّهار انتهى عليّ عليهالسلام إلى الباب فدقّه دقا خفيفا له ، عرف رسول الله صلىاللهعليهوآله دقه وأنكرته أم سلمة فقال لها : يا أمّ سلمة قومي فافتحي له الباب ، فقالت : يا رسول الله من هذا الذي يبلغ من خطره أقوم فافتح له الباب وقد نزل فينا بالأمس ما قد نزل من قول الله عزوجل : (وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) فمن هذا الذي بلغ من خطره أن استقبله بمحاسني ومعاصمي؟ قال : فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوآله كهيئة المغضب : من يطع الرسول فقد أطاع الله قومي فافتحي له الباب فإنّ بالباب رجلا ليس بالخرق ولا بالنزق ولا بالعجول في أمره يحبّ الله ورسوله وليس بفاتح الباب حتّى يتوارى عنه الوطي فقامت أمّ سلمة وهي لا تدري من في الباب غير أنّها قد حفظت النّعت والمدح فمشت نحو الباب وهي تقول : بخ بخ لرجل يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ، ففتحت له الباب قال : فأمسك بعضادتي الباب ولم يزل قائما حتّى خفي عليه الوطي ودخلت أمّ سلمة فقال : تعرفينه؟
قالت : نعم وهنيئا له هذا عليّ بن أبي طالب ، فقال : صدقت يا أمّ سلمة هذا عليّ بن أبي طالب