أصبح يجد مودتنا على قلبه ، ولا أصبح عبد سخط الله عليه إلا أصبح يجد بغضنا على قلبه ، فاصبحنا [نفرح] (١) بحب المحب لنا ونعرف ببغض المبغض لنا وأصبح محبنا مغتبطا بحبنا برحمة من الله ينتظرها كل يوم ، وأصبح مبغضنا يؤسس بنيانه على شفا جرف هار فكان ذلك الشفا قد انهار به في نار جهنم ، وكأن أبواب الرحمة قد فتحت لأصحاب الرحمة فهنيئا لأصحاب الرحمة رحمتهم ، وتعسا لأهل النار مثواه ، إن عبدا لن يقصر في حبنا بخير جعله الله في قلبه ، ولن يحبنا من يحب مبغضنا ، إن ذلك لا يجتمع في قلب واحد ، ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه يحب بهذا قوما ويحب بالآخر عدوهم ، والذي يحبنا فهو يخلص حبنا كما يخلص الذهب الذي لا غش فيه ، ونحن النجباء وافراطنا افراط الأنبياء ، وأنا وصي الأوصياء ، وأنا حزب الله ورسوله صلىاللهعليهوآله ، والفئة الباغية حزب الشيطان ، فمن أحب أن يعلم حاله في حبنا فليمتحن قلبه فإن وجد فيه حب من ألب علينا فليعلم أن الله عدوه وجبرائيل وميكائيل ، فإن الله عدو للكافرين» (٢).
الثالث والستون : الشيخ في أماليه قال : حدّثنا محمد بن محمد قال : حدّثنا أبو أحمد إسماعيل ابن يحيى العبسي قال : حدّثنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري قال : حدّثنا محمد بن إسماعيل المواري (٣) قال : حدّثني عبد السلام بن صالح الهروي قال : حدّثنا الحسين بن الحسن الاشقر قال : حدّثنا قيس بن الربيع عن الأعمش عن عباية بن ربعي الأسدي عن أبي أيوب الأنصاري قال : مرض رسول الله صلىاللهعليهوآله مرضة فأتته فاطمة عليهاالسلام تعوده ، فلما رأت ما برسول الله صلىاللهعليهوآله من المرض والجهد استعبرت وبكت حتى سالت دموعها على خديها فقال لها النبي صلىاللهعليهوآله : «يا فاطمة إني لكرامة الله إياك زوجتك أقدمهم سلما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما ، إن الله اطلع اطّلاعة إلى أهل الأرض فاختارني منها فبعثني نبيا فاطلع إليها ثانية فاختار بعلك فجعله وصيا ، فسرّت فاطمة عليهاالسلام واستبشرت فأراد رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يزيدها من مزيد الخير فقال : يا فاطمة إنّا أهل بيت أعطينا سبعا لم يعطها أحد قبلنا ولم يعطاها أحد بعدنا : نبينا أفضل الأنبياء وهو أبوك ووصينا أفضل الأوصياء وهو بعلك وشهيدنا أفضل الشهداء وهو عمك ، ومنا من جعل الله له جناحين يطير بهما مع الملائكة وهو [ابن] (٤) عمك ، ومنا سبطا هذه الأمة وهما ابناك ، والذي نفسي بيده لا بد لهذه الأمة من مهدي وهو والله من ولدك» (٥).
__________________
(١) زيادة من المصدر.
(٢) أمالي الشيخ الطوسي : ١٤٩ / مجلس ٥ / ح ٥٦.
(٣) في المصدر : الضراري.
(٤) زيادة من المصدر.
(٥) أمالي الشيخ الطوسي : ١٥٥ / مجلس ٦ / ح ٨.