المهلبي قال : حدثني مسلم بن إبراهيم حدثني نوح بن قيس الحدّانّي حدثني الوليد بن صالح عن ابن امرأة زيد بن أرقم قال : أقبل نبي الله صلىاللهعليهوآله من مكّة في حجة الوداع حتى نزل بغدير الجحفة بين مكة والمدينة فأمر بالدّوحات فقمّ ما تحتهن من شوك ثم نادى الصلاة جامعة ، فخرجنا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله في يوم شديد الحرّ وإن منّا لمن يضع ردائه على رأسه وبعضه تحت قدميه من شدة الرمضاء حتى انتهينا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فصلى بنا الظهر ثم انصرف إلينا فقال : «الحمد لله نحمده ونستعينه ونؤمن به ونتوكل عليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا الذي لا هادي لمن أضل ولا مضل لمن هدى وأشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمدا عبده ورسوله ، أما بعد أيها الناس فإنه لم يكن لنبي من العمر إلا نصف عمر من قبله وإنّ عيسى ابن مريم لبث في قومه أربعين سنة وإنّي قد أسرعت في العشرين ألا وإنّي يوشك أن افارقكم وإنّي مسئول وأنتم مسئولون فهل بلغتكم فما أنتم قائلون؟ فقام من كلّ ناحية من القوم مجيب يقولون : نشهد بذلك أنّك عبد الله ورسوله قد بلغت رسالته وجاهدت في سبيله وصدعت بأمره وعبدته حتى أتاك اليقين جزاك الله عنا خير ما جازا نبيّا عن امته فقال : ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنّ محمدا عبده ورسوله وان الجنّة حق والنار حق وتؤمنون بالكتاب كله قالوا : بلى قال : اشهد أنّي قد صدقتكم وصدقتموني ألا واني فرطكم وأنتم تبعي توشكون أن تردوا عليّ الحوض فاسألكم حين تلقوني عن ثقليّ كيف خلفتموني فيهما قال فاعيل علينا ما ندري ما الثقلان حتى قام رجل من المهاجرين قال : بأبي أنت وامي يا نبي الله ما الثقلان؟ قال : الأكبر منهما كتاب الله سبب طرف بيد الله تعالى وطرف بأيديكم فتمسّكوا به ولا تضلّوا ، والأصغر منهما عترتي من استقبل قبلتي وأجاب دعوتي فلا تقتلوهم ولا تقهروهم ولا تقصروا عنهم فإني قد سألت الله اللطيف الخبير فأعطاني أن يردا عليّ الحوض كهاتين ـ وأشار بالمسبحة ـ ولو شئت قلت : كهاتين ـ وأشار بالسبابة والوسطى ـ ناصرهما إليّ ناصر وخاذلهما إليّ خاذل ووليهما إليّ ولي وعدّوهما إليّ عدوّ ألا فإنها لم تهلك أمّة قبلكم حتى تدين بأهوائها وتظاهر على نبوّتها وتقتل من قام بالقسط منها ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب فرفعها فقال : من كنت مولاه فهذا مولاه ومن كنت وليّه فهذا وليّه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه» قالها ثلاثا هذا آخر الخطبة (١).
الخامس عشر : السمعاني في كتاب فضائل الصحابة قال : عن طلحة بن مصرف عن عطية عن أبي سعيد الخدري قدسسره عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : «إني اوشك أن ادعى فاجيب وإني تارك فيكم الثقلين
__________________
(١) مناقب ابن المغازلي : ٢٩ / ح ٢٣.