الكريم بن عمرو عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «أوصى موسى إلى يوشع ابن نون وأوصى يوشع بن نون إلى ولد هارون ، ولم يوص إلى ولده ولا إلى ولد موسى إنّ الله عزوجل له الخيرة يختار من يشاء ممن يشاء ، وبشر موسى ويوشع بالمسيح عليهالسلام فلما أن بعث الله عزوجل المسيح قال المسيح عليهالسلام لهم : إنه سوف يأتي من بعدي نبي اسمه أحمد من ولد إسماعيل عليهالسلام يجيء بتصديقي وتصديقكم وعذري وعذركم ، وجرت من بعده في الحواريين في المستحفظين ، وإنما سماهم الله عزوجل المستحفظين لأنهم استحفظوا الاسم الأكبر وهو الكتاب الذي يعلم به علم كل شيء ، الذي كان مع الأنبياء صلوات الله عليهم يقول الله عزوجل : (لقد ارسلنا رسلا من قبلك وانزلنا معهم الكتاب والميزان) (١) الكتاب الاسم الأكبر وإنما عرف مما يدعى الكتاب التورية الإنجيل والفرقان فيها كتاب نوح عليهالسلام وفيها كتاب صالح وشعيب وإبراهيم فاخبره الله عزوجل (إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى) (٢) فأين صحف إبراهيم ، إنما صحف إبراهيم الاسم الأكبر ، وصحف موسى [الاسم الأكبر] فلم تزل الوصية في عالم بعد عالم حتى دفعوها إلى محمد صلىاللهعليهوآله فلمّا بعث الله عزوجل محمدا أسلم له العقب من المستحفظين وكذبه بنو إسرائيل ودعا إلى الله عزوجل وجاهد في سبيله ، ثم أنزل الله عز ذكره عليه أن أعلن فضل وصيّك فقال : يا ربّ إنّ العرب قوم جفاة لم يكن فيهم كتاب ولم يبعث إليهم نبي ولا يعرفون فضل بيوتات الأنبياء ولا شرفهم ولا يؤمنون بي إن أنا أخبرتهم بفضل أهل بيتي فقال الله عز ذكره : (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (٣) فذكر من فضل وصيّه ذكرا فوقع النفاق في قلوبهم، فعلم رسول الله صلىاللهعليهوآله ذلك وما يقولون فقال الله جلّ ذكره : يا محمد : «ولقد نعلم أنه يضيق صدرك بما يقولون (فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ) (٤) لكونهم (٥) يجحدون بغير حجة لهم ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يتألّفهم ويستعين ببعضهم على بعض ، ولا يزال يخرج لهم شيئا في فضل وصيّه حتى نزلت هذه السورة فاحتج عليهم حين أعلم بموته ونعيت إليه نفسه فقال الله جل ذكره : (فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ) (٦) يقول : فإذا فرغت فانصب علمك وأعلن وصيّك فأعلمهم فضله علانية فقال عليهالسلام : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه
__________________
(١) الآية : (لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا ..) الحديد : ٢٥.
(٢) الأعلى : ١٨ ـ ١٩.
(٣) النحل : ١٢٧.
(٤) الأنعام : ٣٣.
(٥) في المصدر : ولكنهم.
(٦) الانشراح : ٨.