أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) وقول النبيّ : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى.
وذلك يقتضي عصمته عن الدم الحرام كما أن هارون معصوم عن مثل ذلك ، وترادف الأقوال والأفعال من رسول الله صلىاللهعليهوآله في أمره الذي يضطر معها الحاضرون لها ، والمشاهدون إياها إلى أن مثله لا يجوز أن يسعى في إراقة دم أمير مسلم لم يحدث حدثا يستوجب به إحلال دمه (١).
التاسع والتسعون : ابن أبي الحديد في الشرح قال : ذكر أبو أحمد العسكري في كتاب الأمالي ، أن سعد بن أبي وقاص دخل على معاوية عام الجماعة ، فلم يسلم عليه بإمرة المؤمنين ، فقال له معاوية : لو شئت أن تقول في سلامك غير هذا لقلت ، فقال سعد : نحن المؤمنون ولم نؤمرك كأنك قد بهجت بما أنت فيه يا معاوية ، والله ما يسرني ما أنت فيه وإني هرقت المحجمة دم قال : لكني وابن عمك عليّا يا أبا إسحاق قد هرقنا أكثر من محجمة ومحجمتين هلم واجلس معي على السرير ، فجلس معه فذكر له معاوية اعتزاله الحرب يعاتبه فقال سعد : إنّما كان مثلي ومثل الناس كيوم أصابتهم ظلمة فقال واحد منهم لبعيره : إخ ، فأناخ حتّى أضاء له الطريق ، فقال معاوية : والله يا أبا إسحاق ما في كتاب الله إخ وإنّما فيه (إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ).
فو الله ما قاتلت الباغية ولا المبغي عليها فأفحمه ، وزاد ابن ديزيل في هذا الخبر زيادة ذكرها في كتاب صفين قال : فقال سعد بن أبي وقاص : أتأمرني أن أقاتل رجلا قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي.
فقال معاوية : من سمع هذا معك؟ قال : فلان وفلان وأم سلمة.
فقال معاوية : لو كنت سمعت هذا لما قاتلته. (٢)
وقال : قال حدّثني جعفر بن مكّي رضى الله عنه قال : سألت محمد بن سليمان بن سلمس صاحب الحجاب رحمهالله ، وقد رأيت أنا محمد هذا وكانت لي به معرفة غير مستحكمة ، كان ظريفا أديبا وقد اشتغل بالرياضات من الفلسفة ولم يكن يتعصب لمذهب بعينه قال جعفر : سألته عما عنده في أمر عليّ وعثمان فقال : هذه عداوة قديمة النسب بين بني عبد شمس وبين بني هاشم ، وقد كان حرب بن أمية نافر عبد المطلب بن هاشم ، وكان أبو سفيان يحسد محمدا صلىاللهعليهوآله وحاربه ولم يزل البيتان متباغضين ، وساق حديثا طويلا إلى أن قال ما قاله رسول الله صلىاللهعليهوآله في عليّ عليهالسلام مثل حديث خاصف النعل ومنزلة هارون من موسى ومن كنت مولاه وهذا يعسوب الدين ولا فتى إلّا عليّ
__________________
(١) شرح نهج البلاغة : ٦ / ١٦٧ ـ ١٦٩.
(٢) شرح نهج البلاغة : ٦ / ١٦٣.