وقال له نبيّ الله صلىاللهعليهوآله حين قضى بينه وبين أخيه جعفر بن أبي طالب عليهالسلام ومولاه زيد بن حادثة في ابنة حمزة : أمّا أنت يا عليّ فمنّي وأنا منك وأنت ولي كلّ مؤمن بعدي ، فصدّق أبي رسول الله صلىاللهعليهوآله سابقا ووقاه بنفسه ، لم يزل رسول الله صلىاللهعليهوآله في كلّ موطن يقدمه ولكلّ شديدة يرسله ثقة منه به وطمأنينة إليه لعلمه بنصيحته لله عزوجل ولرسوله (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) ، فكان أبي سابق السّابقين إلى الله عزوجل والى رسوله صلىاللهعليهوآله وأقرب الاقربين وقد قال الله تعالى : (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً) فأبي كان أوّلهم إسلاما وإيمانا وأوّلهم إلى الله ورسوله هجرة ولحوقا ، وأوّلهم على وجده ووسعه نفقة قال سبحانه : (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ).
فالنّاس من جميع الأمم ليستغفروا له لسبقه إيّاهم إلى الإيمان بنبيّه صلىاللهعليهوآله ، وذلك أنّه لم يسبقه إلى الإيمان به أحد ، وقد قال الله تعالى : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ) فهو سابق جميع السّابقين فكما أنّ الله عزوجل فضّل السّابقين على المتخلّفين والمتأخّرين فكذلك فضّل سابق السّابقين على السّابقين ، وقد قال الله عزوجل : (أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) والمجاهد في سبيل الله حقّا ، وفيه نزلت هذه الآية ، وكان ممّن استجاب لرسول الله صلىاللهعليهوآله عمه حمزة وجعفر ابن عمّه فقتلا شهيدين رضي الله عنهما في قتلى كثيرة معهما من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فجعل الله حمزة سيّد الشهداء من بينهم ، وجعل لجعفر جناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء من بينهم وذلك لمكانهما من رسول الله صلىاللهعليهوآله ومنزلتهما وقرابتهما منه عليهالسلام ، وصلّى رسول الله على حمزة سبعين صلاة من بين الشّهداء الّذين استشهدوا معه ، وكذلك جعل الله تعالى لنساء النبيّ صلىاللهعليهوآله للمحسنة منهنّ أجرين وللمسيئة منهنّ وزرين ضعفين لمكانهنّ من رسول الله ، وجعل الصلاة في مسجد رسول الله بألف صلاة في سائر المساجد إلّا المسجد الحرام ومسجد إبراهيم عليهالسلام بمكّة ، وذلك لمكان رسول الله صلىاللهعليهوآله من ربه ، وفرض الله عزوجل الصلاة على نبيهصلىاللهعليهوآله على كافة المؤمنين ، فقالوا : يا رسول الله كيف الصّلاة عليك ، فقال : قولوا اللهمّ صلّ على محمد وآل محمد ، فحق على كلّ مسلم أن يصلّي علينا مع الصّلاة على النبيّ صلىاللهعليهوآله فريضة واجبة ، وأحلّ الله تعالى خمس الغنيمة لرسول الله صلىاللهعليهوآله وأوجبها في كتابه وأوجب لنا من ذلك ما أوجب له وحرم عليه الصّدقة وحرمها علينا ، فأدخلنا فله الحمد فيما أدخل فيه نبيّه صلىاللهعليهوآله وأخرجنا ونزّهنا عمّا أخرجه منه ونزّهه كرامة