أكرمنا الله عزوجل بها ، وفضيلة فضلنا بها على سائر العباد فقال الله تعالى لمحمد صلىاللهعليهوآله حين جحده كفرة أهل الكتاب وحاجوه : (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ).
فأخرج رسول الله صلىاللهعليهوآله من الأنفس أبي معه ومن البنين أنا وأخي ومن النساء فاطمة أمّي من الناس جميعا ، فنحن أهله ولحمه ودمه ونحن منه وهو منّا وقد قال الله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) فلمّا نزلت آية التّطهير جمعنا رسول الله صلىاللهعليهوآله أنا وأخي وأمّي وأبي فجعلنا ونفسه في كساء لأمّ سلمة خيبري وذلك في حجرتها وفي يومها فقال : اللهمّ هؤلاء أهل بيتي وهؤلاء أهلي وعترتي فأذهب عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا فقالت ، أمّ سلمة ـ رضي الله عنها ـ : أأدخل معهم يا رسول الله؟ فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوآله : يرحمك الله أنت على خير وما أرضاني عنك ولكنها خاصة لي ولهم ، ثمّ مكث رسول الله صلىاللهعليهوآله بعد ذلك بقية عمره حتّى قبضه إليه ، يأتينا في كلّ يوم عند طلوع الفجر فيقول : الصلاة يرحمكم الله (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) وأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله بسد الأبواب في مسجده غير بابنا ، فكلّموه في ذلك ، فقال : أمّا انّي لم أسدّ أبوابكم وافتح باب عليّ من تلقاء نفسي ولكنّي أتبع ما يوحى إليّ ، إنّ الله أمر بسدّها وفتح بابه فلم يكن من بعد ذلك أحد تصيبه جنابة في مسجد رسول الله ويولد فيه الأولاد غير رسول الله وأبي عليّ بن أبي طالب عليهالسلام تكرمة من الله تعالى لنا وتفضيلا اختصّنا به على جميع الناس ، وهذا باب أبي قرين باب رسول الله في مسجده ومنزلنا بين منازل رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وذلك أنّ الله أمر نبيّه صلىاللهعليهوآله أن يبني مسجده ، فبنى فيه عشرة أبيات تسعة لنبيّه وأزواجه وعاشرها وهو متوسطها لأبي ، فها هو لبسبيل (١) مقيم ، والبيت هو المسجد المطهّر ، وهو الّذي قال الله تعالى : (أَهْلَ الْبَيْتِ) فنحن أهل البيت ونحن الّذين أذهب الله عنّا الرجس وطهّرنا تطهيرا.
أيّها الناس إنّي لو قمت حولا فحولا أذكر الذي أعطانا الله عزوجل وخصّنا الله به من الفضل في كتابه وعلى لسان نبيّه لم أحصه ، وأنا ابن النّذير البشير السّراج المنير الذي جعله الله رحمة للعالمين ، وأبي عليّ ولي المؤمنين وشبيه هارون ، وإنّ معاوية بن صخر زعم أنّي رأيته للخلافة أهلا ولم أر نفسي لها أهلا فكذّب معاوية ، وأيم الله لإنّا أولى الناس بالنّاس في كتاب الله وعلى لسان رسول الله صلىاللهعليهوآله غير أنا لم نزل أهل البيت مخيفين مظلومين مضطهدين منذ قبض رسول
__________________
(١) في حلية الأبرار والبحار : بسبيل.