وقد ظهر مصطلح «النظم» منذ عصر مبكّر ، فاستعمل استعمالا خاصّا يرتبط بأسلوب القرآن ، كما استعمل احيانا اصطلاحا بلاغيّا عامّا. ولعلّ سيبويه (ت ١٨٠ ه) من أقدم مستخدمي مصطلح النظم في أساليب التعبير حينما تحدّث عن معنى النظم وائتلاف الكلام ، وما يفضي الى صحّته وفساده وحسنه وقبحه (١).
وذكر عمرو بن كلثوم العتّابيّ (ت ٢٢٠ ه) أنّ الألفاظ للمعاني بمنزلة الأجساد للأرواح ، فينبغي أن توضع مواضعها ، وإلّا تغيّر المعنى وفسد النظم (٢).
وفي سياق الأسلوب القرآنيّ آمن الجاحظ (ت ٢٥٥ ه) أنّ القرآن معجز بنظمه البديع الذي لا يقدر على مثله العباد (٣).
واستمرّ مصطلح النظم متداولا في لغة أدباء وعلماء آخرين ، من مثل ابن قتيبة (ت ٢٧٦ ه) (٤) ، وإبراهيم بن المدبّر (ت ٢٧٩ ه) (٥) ، والمبرّد (ت ٢٨٥ ه) الذي كانت البلاغة تعني عنده حسن النظم (٦) ، والطبريّ (ت ٣١٠ ه) (٧) ، وأبي سعيد السيرافيّ (ت ٣٦٨ ه) (٨) ، وعليّ بن عيسى الرمّانيّ (ت ٣٨٦ ه) (٩) ، والخطّابيّ (ت ٣٨٨ ه) الذي تلخّصت رؤيته في إعجاز القرآن بأنّه «إنّما صار معجزا لأنّه جاء بأفصح الألفاظ في أحسن نظوم التأليف متضمّنا أصحّ المعاني» (١٠) ، وأبو هلال العسكريّ (المتوفّى آخر القرن الرابع الهجريّ) (١١) ، والباقلانيّ (ت ٤٠٣ ه) في مثل
__________________
(١) الكتاب ١ / ٨.
(٢) كتاب الصناعتين ١٦٧.
(٣) الحيوان ٤ / ٩٠.
(٤) تأويل مشكل القرآن ٢٩٩.
(٥) الرسالة العذراء ١٧.
(٦) البلاغة للمبرّد ٥٩.
(٧) جامع البيان عن تأويل آي القرآن ١ / ٦٥.
(٨) الإمتاع والمؤانسة ١ / ١٠٧.
(٩) النكت في إعجاز القرآن ١٠٧.
(١٠) بيان إعجاز القرآن ٢٧.
(١١) كتاب الصناعتين ١٦٧.