ودخلت سنة ثمان وتسعين والأحوال على حالها أو في تزيّد إلى زهاء نصف السّنة. وتناقص موت الفقراء لقلّتهم ، لا لارتفاع السّبب الموجب ، وتناقص أكل الآدميّين ثمّ عدم ، وقلّ خطف الأطعمة من الأسواق لفناء الصّعاليك ، ثمّ انحطّ الإردبّ إلى ثلاثة دنانير لقلّة النّاس ، وخفّت القاهرة.
وحكي لي أنّه كان بمصر سبعمائة منسج للحصر ، فلم يبق إلّا خمسة عشر منسجا ، فقس على هذا أمر باقي الصّنّاع من سائر الأصناف.
وأمّا الدّجاج فعدم رأسا ، لو لا أنّه جلب من الشّام. وحكي لي أنّ رجلا جلب من الشّام دجاجا بستّين دينارا ، باعها بنحو ثمانمائة دينار ، فلمّا وجد البيض بيع بيضة بدرهم ، ثمّ كثر.
وأمّا الفراريج فاشتريّ الفرّوج بمائة درهم ، ثمّ أبيع بدينار مديدة.
وقال في أمر الخراب : فأمّا الهلاليّة ، ومعظم الخليج ، وحارة السّاسة ، والمقس ، وما تاخم ذلك ، فلم يبق فيها أنيس ، وإنّما ترى مساكنهم خاوية على عروشها.
قال : والّذي تحت قلم ديوان الحشريّة في الموتى وضمّته الميضأة في مدّة اثنتين وعشرين شهرا مائة ألف وأحد عشر ألفا إلّا شيئا يسيرا.
قلت : هذا في القاهرة.
قال : وهذا مع كثرته نزر في جنب ما هلك بمصر والحواضر ، وكلّه نزر في جنب ما هلك بالإقليم.
وسمعنا من الثّقات عن الإسكندريّة أنّ الإمام صلّى يوم الجمعة على سبعمائة جنازة ، وأنّ تركة انتقلت في مدّة شهر إلى أربعة عشر وارثا. وأنّ طائفة يزيدون على عشرين ألفا انتقلوا إلى برقة وأعمالها ، فعمروها وقطنوا بها ، وكانت مملكة عظيمة خربت في زمان خلفاء مصر على يد الوزير اليازوريّ ، ونزح عنها أهلها.
ومن عجيب لشيخ من أطبّاء اليهود ممّن ينتابني أنّه استدعاه رجل ذو